انتهاء الاعتصام بعد
1255
يــــــوم
بسم الله الرحمن الرحيم. يُنهي شيخ الطريقة العمرية عبد الغني العمري الحسني، إلى علم الرأي العام، ومن بعده إلى علم أتباع الطريقة العمرية في أنحاء العالم، أنه: 1. قد عزم على إيقاف اعتصامه مع عائلته داخل بيته نهاية يوم الثلاثاء 15-5-2018م، بمناسبة حلول شهر رمضان الكريم لعام 1439ه. وللإشارة، فإن هذا الاعتصام قد بدأ يوم الاثنين 8-12-2014م، واستمر طيلة 1255 يوم. 2. سيغادر مدينة جرادة التي كانت محل اضطهاده وعائلته من طرف السلطات المحلية والأجهزة الأمنية، مع توظيف الأوباش والسفهاء من أهل المدينة في هذا العمل الشنيع. وسيكون مقر الشيخ المقبل إن شاء الله بمدينة سلا، مرفوقا بجميع أفراد عائلته. حرر بجرادة ليلة الأربعاء: 16-5-2018م. شيخ الطريقة العمرية: عبد الغني العمري الحسني
Translated
Sheikh's Books |
«السابق
التالي»
2020/11/04
التديُّن والتحضُّر
لقد تكلمنا عدة مرات، عن التخلّف الذي تعاني منه البلدان العربية خصوصا؛ حتى لا نعمم الصفة على كل البلدان الإسلامية؛ ورُمنا بذلك، أن ندل على خلل جوهري لدى شعوبنا؛ لا ينفع معه التديُن التقليدي الموروث. وذلك لأن الحوار العولمي الجاري -بإرادة منا أم بغيرها- ليس معتمدا على الخطاب الدينيّ أحدي الوجوه، بقدر ما هو خطاب حضاري، لا يزال فيه المسلمون في عمومهم على أمية متفشية. وقبل أن نواصل الكلام، لا بد من أن نؤكّد على أن التديُّن الصحيح، مورث لسعادة العبد في الآخرة؛ بخلاف التحضُّر المجرد عن التديُّن. لكن هذا، لا يعفي المسلمين، من تحقيق حق أدنى منه، في نطاق المشترك العالمي؛ على نور وعلى بيّنة. واشتراطنا للنور في المسألة، هو لأجل التحفُّظ من الآفات التي قد تدخل إلينا بدعوى التحضُّر، عند غلبة قِصر النظر على الناظرين. وأما التحضُّر الذي ندعو إليه المسلمين، فهو التطبيقات الدينيّة السليمة؛ انطلاقا من الفهم الصحيح للقرآن وللسنّة، في بُعدهما العالمي غير المـُدرك للناس إلى الآن. ولو تنبه المسلمون إلى إقرارهم بعالمية رسالة الإسلام من جهة، وإلى عدم استطاعتهم الخروج -بصفتهم محاورين لغيرهم- إلى المجال المشترك العالمي، من جهة أخرى؛ لبان لهم قصورهم في إدراك الإسلام نفسه، بجلاء لا خفاء معه. ولكن ثبوت وقوع ما نشير إليه، لا يدلّ إلا على وجوب إعادة النظر في طريقة التديّن، لدى الأفراد ولدى الجماعات. وإن إعادة النظر، التي هي مقدمة كل إصلاح ممكن، لا يُمكن أن يُقْدَم عليها عشوائيا، ومن غير تمحيص للتفاصيل. ولسنا نريد في المرتبة الأولى، إلا القطع مع الفهوم الموروثة عن الإسلام، والتي ليست من جوهره؛ وإن كانت صورة ضمن دائرته الحضارية في زمن من الأزمان. وهذا يعني، ضرورة التخلُّص من هيمنة الفقهاء على طريقة عيش الناس، التي من ضمنها طريقة نظرهم إلى الأمور. ولسنا نعني من الخروج عن هيمنة الفقهاء، الخروج عن الفقه بمعناه اللغوي-الشرعي، الذي جاء ذكره في مثل قول النبي صلى الله عليه وآله وسلم: «مَنْ يُرِدِ اللَّهُ بِهِ خَيْرًا، يُفَقِّهْهُ فِي الدِّينِ!»[متفق عليه، عن معاوية]؛ فهذا هو ما نسعى إليه، وهو ما تنبني عليه الحضارة العالمية؛ ولكننا نعني الفقه بمعناه الاصطلاحي، الذي توقف عند قرون مضت، وأصبح كالثوب القصير، لا يغطي كل الجسد العربي (الإسلامي). غير أننا -ورغم تلاقينا مع بعض المفكرين على العبارات الموهمة بالاتفاق- لا نأتي جدلية "التدين-التحضر" من باب الفكر. وذلك، لأن المفكر، قد لا يسلم من شوائب عقلية، يُمرِّر بسببها، ما لا ينبغي أن يمرّ. أما نحن، فنأتي المسألة من باب التديّن ذاته، من علمنا بتوسيع الدين للعقل، وبإثرائه له. ونعني من هذا، أننا لسنا بحاجة من أجل التحضر، إلى أن ندلف من باب ثان اسمه "الحضارة"، من أجل تحقيق الغرض؛ ما دامت المسألة عندنا في جوهرها واحدة، لا تتعدد. نعم، نحن نُدرك مدى صعوبة وصول ما نقصده، إلى جُلّ العقول المصنوعة بيد المناهج الكفرية الدخيلة؛ ولكننا مع ذلك، نؤكد على أن الدين نفسه يبلغ بالمرء أعلى درجات الحضارة، إن هو أدركه إدراكا صحيحا. وعلامة تحضر المتديّن، هي تمكنّه من نقد الحضارات المختلفة، عند معرفة حسناتها وسيئاتها بالنور الإلهي. وهذا يعني: أن الحضارات المختلفة، ليست باطلة من كل وجوهها، وإن كانت وثنية؛ ببساطة، لأن كل الحضارات، وإن نُسبت إلى واضعيها من الناس، هي قبل ذلك من وضع الله. وكون الناس يعجزون عن إرجاع كل تفاصيلها إلى الله، من جهة ألوهيته الواسعة لكل المألوهين، لا يعني حتما أنها ليست حقا، بالمعنى الذي نريد نحن؛ والذي قد يُخالف إدراك أهلها أنفسهم لها. ونحن هنا، لا نبغي ادعاء مجاوزتنا في إدراك الحضارات لأصحابها الأصليين، في مزايدة سطحية، لا تقوم لأدنى النقود؛ ولكننا نشير إلى مشترك في الحضارات من جهة باطنها، والذي نُدركه نحن من جهة الدين الرباني وحده. وهذا يدل على أننا نُدرك الرباني بالرباني فحسب، لا أننا أعقل أو أكثر تحضُّرا من غيرنا. لكن المسلمين في المقابل، وخصوصا في عصرنا، عليهم أن يعلموا أنهم في مجملهم على نقص كبير من جهة التحضُّر. ولعل أسباب ما نثبته هنا كثيرة ومتضافرة؛ لكن أهم ما أدى إلى هذا الضمور الحضاري لدينا، الاستبداد أصلا وفروعا. ولسنا نعني بالاستبداد من جهة الأصل، إلا احتكار الفقه في الدين (بالمعنى اللغوي) من قِبل فرقة أو طائفة بعينها، والذي نشأ عنه الاستبداد السلطوي: بالمعنى المتعلّق بالدولة القديمة أو الحديثة، وبالمعنى الموجود في الأسرة أيضا. والمستبدّون، بجميع صنوفهم، يكونون من القصور العقلي دائما، بحيث يتوهمون أن ما هم عليه من تديُّن ومن إدراك للحضارة، هو أقصى ما يُمكن أن يُتوصّل إليه؛ لذلك هم يحملون غيرهم عليه بالإكراه، ولا يرون أنفسهم إلا محسنين. ولقد احتال كثير من منظري الفقهاء، لما يُسمونه الدولة الإسلامية، أو لما يُمكن أن نسميه نحن "الاجتماع الإسلامي"، في أن يجعلوا الصواب خطأ والخطأ صوابا؛ إما من مـُنطلق القصور الشخصي الذي يكونون عليه، وإما خدمة للسلاطين، وتطويعا للدين من أجل ذلك. ولا يزال الاحتيال الفكري، مستمرا بخصوص ما ذكرنا، إلى الآن؛ من دون أن يُدرك المحتالون الغاشون لأنفسهم وللأمة، أننا قد بلغنا مبلغا في الحقارة، لا مزيد عليه؛ ومن دون أن يعوا أننا في عصر "العولمة" في حوار مباشر -شئنا أم أبينا- مع كل حضارات العالم. وليت شعري، كيف يُمكن أن يُحاوِر المسلم المنغلق في ذهنية قريته (وإن صار من الشيوخ المرموقين في مؤسسته العلمية الوطنية الإسلامية)، مختلف الحضارات، وهو لا يقوى على سماع خطابها من البداية؟!... بل كيف يُمكننا نحن، أن نُشعر هذا الصنف من الناس، أنه متخلف جدا عن الركب الحضاري العالمي؟! إن لم نقل بإعاقته عن ذلك من الناحية العقلية، إعاقة ثابتة فكريا، وفي أحيان كثيرة اِكلينيكيا. نحن نأسف كثيرا، عند بلوغنا، في مصارحة قومنا، إلى هذا الحد من التجريح؛ لكننا لا نجد مناصا حيال ذلك، مع ما نراه من تصلب علماء الدين لدينا (بحسب الزعم)، على ما لا يمكن إلا أن يكون نقيضا للدين، قبل أن يكون نقيضا للحضارة!... لا شك أن كل ما تكلمنا عنه، يحتاج من أجل بلوغه، إرادة سياسية من قِبل حكامنا؛ لأنهم الآن على النقيض من ذلك، وفي المقابل منه. ويكفي أن نُسجّل أن التخلف الذي تعاني منه دولنا العربية، يفصل بينها وبين الدول الغربية (الكافرة) من جهة الظاهر، بقرون من الزمان؛ مع أن ديننا يتيح فرصا، لا تبلغها أي حضارة أخرى. ولهذا، كان الأمر شديد الإلحاح في نظرنا!... وبما أن العولمة السياسية المنشودة، ستلزم حكامنا بتغيير سياساتهم المحلية -حتى لا يبقوا راعين للإرهاب مع زعم محاربته- فإن العالمي وقتها، سيُصبح عولميا عند اتصال طرفيْه: العالمي والمحلي. وإن من مصلحة دول العالم الأخرى، أن تضغط على الدول العربية الآن، رجاء أن تحسّن من معاملة الإنسان فيها؛ ولو بحد أدنى، يمنعه من الاندفاع نحو الجنون والجريمة. وذلك لأن الإرهاب الذي صار آفة بلداننا، هو نتيجة قبل أن يكون سببا. وما لم تُعالج أسباب الإرهاب لدينا بجدية، فإننا سنظل دولا مصدِّرة للإرهاب. ولا بد هنا من الإقرار بالمسؤولية السياسية (بالمعنى الواسع)، التي تجعل من حكوماتنا قبل غيرها، مسؤولة مسؤولية جنائية؛ محليا وعالميّا. إن حكوماتنا -من دون أن تشعر- صارت في مواجهة الإرهاب المنطلق من بلداننا، تكتفي بإصدار بيانات إدانة، وكأنها غير مسؤولة مسؤولية مباشرة عن الإرهاب. ويكفي في الدلالة على ما نقول، أن نُدرك أن الشاب التونسي الذي قتل ظلما ثلاثة أشخاص في نيس، دخل فرنسا إرهابيا؛ ولم يتعلم الإرهاب على الأرض الفرنسية بالقطع. لذلك، لا ينبغي أن تكتفي حكوماتنا بإدانة الإرهاب، وكأنها جمعيات مدنية؛ بل عليها أن تعمل عملا مؤصَّلا، وعلى جميع الواجهات، على قطع دابره عندها. ولا يكفي هنا، ما تفعله الأجهزة الأمنية في المغرب من استباق للعمليات الإرهابية على أرضها؛ لأن ذلك يجعلها كمن يتصدى للبعوض في بيته واحدة واحدة، بدل أن يأتي بالمبيد ويعالج الوضع جذريا... نعم، إن حكوماتنا، ليست بريئة من جميع الوجوه؛ وهي تشبه في هذا الحكومة الفرنسية أو الحكومات الغربية عموما؛ لأنها كلها، وظّفت الإرهاب محليا وعالميا، في وقت من الأوقات، من أجل تعديل الكفة السياسية لصالحها. فمن جهة الداخل، لم تتورع الحكومات، من توظيف المتسلفة ضد الإخوان، ولا من توظيف الإخوان ضد العلمانيين؛ ولو لفترة محدودة في الزمان؛ لكنها في المقابل، لم تكن لها القدرة على إخماد ما أوقدته من نيران، عند انتهاء التوظيف؛ وهذا من التسلسل المنطقي للأشياء. فاتسعت بذلك دائرة الإرهاب في بلدانها، من دون إرادة منها. وأما عندما صارت دائرة الإرهاب عالمية، فإن حكوماتنا، كان الأجدر بالمجتمع الدولي أن يعتبرها مسؤولة عنه، ولو جزئيا. لكن المجتمع الدولي، المتمثل في الدول الغربية خصوصا، أعاد الغلط الذي ارتكبته حكوماتنا كرة أخرى، عندما قبل بتوظيف الجماعات الإرهابية توظيفا سياسيا عن طريق استعمال العنف في أماكن التوتر العالمية. وكما لم تتمكن حكوماتنا من التوظيف من دون إحداث أضرار جانبية، فكذلك ظهرت الأضرار الجانبية الناجمة عن التوظيف العالمي، في العالم كله. وهذا يجعل المجتمع الدولي نفسه، مسؤولا مسؤولية جنائية، هو أيضا. وإن تخفِّيَ المجتمع الدولي، والحكومات الإسلامية، خلف عبارات الإدانة، عند وقوع الكوارث، لا ينبغي السكوت عليه من قِبل النخبة الواعية؛ بل ينبغي أن يُتنادى إلى محاسبة للحكومات في هذا، قبل الأفراد هنا وهناك. وينبغي أن يُصار تبعا لذلك، إلى تنسيق عالمي في مجال السياسات، من أجل منع تكرار ما يحدث المرة بعد الأخرى. وينبغي من أجل هذا، أن يُستعان في ذلك بعلماء الدين عندنا، من ذوي العلم الصحيح، لا من ذوي المناصب الرسمية؛ لأن الوضع لم يعد يحتمل التعامل بالرسميات. هذا، وإلا فإن العالم كله، سيكون مشاركا لكل إرهابي، يقوم بعمله في هذا البلد أو ذاك!... وتتميما لكلامنا، فعلى دول الغرب أن تتوقف عن النظر إلى دولنا، بوصفها دول استهلاك وتجريب للأسلحة؛ إن كان الأمر سينقلب عليها بعد مدة بصورة من الصور. وإن إسهام تلك الدول، في تنمية دولنا تنمية حقيقية، قد صار من ضرورات أمنها وبقائها؛ لا من أعمال الخير لديها. وعندما ندعو الدول الغربية إلى المساهمة في تنمية دولنا، فإن ذلك يقتضي منها العمل على الحد من الفساد المستشري عندنا برعايتها؛ لأن دولنا تستطيع أن تحسّن من وضعها بقدراتها الذاتية، ومن دون حاجة إلى صدقة، إن توقف الفساد النخبويّ عن هدر طاقاتها. وهكذا، إن وجد شبابنا فرص العمل في بلدانهم، ووجدوا العناية من حكوماتهم عند فقد العمل، فإنه لا أحد منهم سيغامر بالذهاب إلى دولة ينظر إليها على أنها "إلدورادو" مفترض. فعلى العالم الغربي، أن يتعلم كيف ينظر إلينا، كما ينظر إلى نفسه؛ وأن يحب لنا ما يحب لنفسه؛ في عولمة حقيقية للأخوة والسلام، وإلا فلا يطمع في أن يهنأ بالسلام والشعوب تعيش عيش الأجانب في بلدانها!... وما الأحداث التي عرفتها فرنسا مؤخرا، إلا بعض ما نحذر منه، من دون أن تكون لنا رغبة فيه؛ لأننا بحمد الله، نحب الخير لجميع إخواننا في الإنسانية؛ حقيقة، لا تشدقا!... وعلى هذا، فإن أول ما ينبغي التفكير فيه بجدية، هو العمل على إبقاء الشعوب العربية والإسلامية في بلدانها الأصلية، عن طريق توفير العيش الكريم فيها؛ بدل أن يُعمل على توطينهم في بلدان جديدة، يخالفونها في الدين وفي الثقافة. نقول هذا، ونحن نعلم أن كثيرا من العرب، يصعب عليهم الاندماج في مجتمعات أخرى؛ بسبب أمراضهم الحضارية التي يحملونها في ذهنياتهم. وليست لائكية القطر المضيف، عاملا حاسما في المسألة، كما يعتقد ذلك أنصاف المفكرين من الجانبيْن؛ لأن العقل العربي يختلف عن العقل الغربي في طريقة نظرته إلى جل الأمور. ونحن قد حذرنا من هذه الازدواجية العقلية منذ مدة، وعندما كتبنا رسالة "العقل العربي ومآلاته". وإن ما نقوله هنا، ليس عنصرية، بقدر ما هو واقعية وعقلانية؛ يُمكن أن نتناولها من وجه آخر، في المجتمعات العلمية المتخصصة، عند توافر شروط ذلك؛ لكن في انتظار ذلك، ليس أمامنا الآن، إلا التناول السياسي، بالمعنى الواسع... إن الأعطاب التي أصابت العقل العربي منذ قرون، والتي ما زال يُعمل على ترسيخها، لن ينجم عنها خير في المدى المنظور. أقول هذا، أنا العربي، الحريص على عدم مخادعة نفسه، أو مخادعة أحد غيره؛ لعلمي بما أقول، علما لا يبلغه إلا أفراد في العالم. فليسارع كل من كان بيده بعض أثر في دولنا، من قريب أو من بعيد، إلى الحد من هذا التخلّف القاتل. وإن أول ما ينبغي العمل عليه، من قِبل من آتاه الله قدرة على ذلك: الفصل بين الدين المحرف والعقل؛ لأن استناد التشوهات العقلية إلى الانحرافات الدينية، لن ينجو من أثره المدمر أحد. ونخص بالذكر هنا ما يتعلق بمجالي الفقه والعقائد، قبل غيرهما... ونحن بحمد الله، في معهد العمرية، نعمل على ذلك بقدر ما نستطيع؛ لكن جهدنا سيبقى ضعيفا جدا، بالنظر إلى تفشّي الآفات. وهذا يعني أن وقت المزايدات علينا، من قِبل المؤسسات الرسمية، قد مضى؛ ومن لم يُدرك ذلك، فها نحن نخبره؛ وبالتالي يعني أن على المؤسسات الرسمية أن تقتدي بنا، وأن تقتبس منا خطط أعمالنا، إن هي كانت تريد -بعد سماح السياسات الحكومية لها بذلك- أن تكون عامل بناء في زماننا، لا عامل هدم. ولسنا هنا بمعرض الإعلان عن "خدمة" نقدمها، ما دمنا نقدم خدمتنا مجانا وبدون مقابل!... وإن كانت الظروف العالمية في الماضي، تحول دون انتشار هذا الفيروس "العربي" في العالم، بسبب الحدود الجغرافية والثقافية الحاكمة وقتها؛ فإن العولمة الآن، بجميع مظاهرها، تُعدّ أنسب بيئة لتكاثره. ولن تنفع في ذلك المتابعات الأمنية، كما كانت تنفع سابقا جزئيا؛ مما يجعل تناول المسألة من وجه آخر جديد أمرا حتميا. وإن فرنسا قد بدأت تعي أن الأمر أكبر مما كان يُظن، وإن كانت ما تزال في مفترق الطرق، بالنظر إلى وسائل الخروج من الوضع. فهل سيصل كلامنا إلى أسماع من بيدهم القرار، محليا وعالميا؟ وهل سيكون لأصحاب القرار، من قابلية الخير، ما يجعلهم يقفزون على كل الاعتبارات الضيقة الأخرى؟ أم إن الأمر كما عهدنا في السابق، سيُترك لتدبير تقنوقراط باردين، إلى أن يقع ما لا تُحمد عقباه؟!... |