![]() انتهاء الاعتصام بعد 1255 يــــــوم
بسم الله الرحمن الرحيم. يُنهي شيخ الطريقة العمرية عبد الغني العمري الحسني، إلى علم الرأي العام، ومن بعده إلى علم أتباع الطريقة العمرية في أنحاء العالم، أنه: 1. قد عزم على إيقاف اعتصامه مع عائلته داخل بيته نهاية يوم الثلاثاء 15-5-2018م، بمناسبة حلول شهر رمضان الكريم لعام 1439ه. وللإشارة، فإن هذا الاعتصام قد بدأ يوم الاثنين 8-12-2014م، واستمر طيلة 1255 يوم. 2. سيغادر مدينة جرادة التي كانت محل اضطهاده وعائلته من طرف السلطات المحلية والأجهزة الأمنية، مع توظيف الأوباش والسفهاء من أهل المدينة في هذا العمل الشنيع. وسيكون مقر الشيخ المقبل إن شاء الله بمدينة سلا، مرفوقا بجميع أفراد عائلته. حرر بجرادة ليلة الأربعاء: 16-5-2018م. شيخ الطريقة العمرية: عبد الغني العمري الحسني ![]() ![]() Translated
Sheikh's Books |
![]()
2012/10/04
البقرة: (41-60)
41. { وَآمِنُوا بِمَا أَنْزَلْتُ مُصَدِّقاً لِمَا مَعَكُمْ وَلَا تَكُونُوا أَوَّلَ كَافِرٍ بِهِ وَلَا تَشْتَرُوا بِآيَاتِي ثَمَنًا قَلِيلاً وَإِيَّايَ فَاتَّقُونِ }: الخطاب لأهل الكتاب الذين سبقت لهم البشرى بالخليفة الأصلي والعبد الذاتي، حتى يعرفوا مكانته إذا ظهر فيهم. [وآمنوا بما أنزلت]: على هذا العبد من صفاتي، وجهزته من أسمائي حتى يكون مظهرا لي فيكم. [مصدقا لما معكم]: تصديق الواقع للخبر. [ولا تكونوا أول كافر به]: لا تبلغ بكم الشقاوة والبعد أن تسبقوا إلى الكفر به من لا خبر له عنه من خارج؛ وإن كان الكفر مذموما حتى من غيركم. هذا، لأنه لا يخلو أحد من خبر عنه من داخل؛ وهو ما ركز في الفطر من وحي أولي. [ولا تشتروا بآياتي]: التي تدلكم منه علي وتعرفونها منه؛ [ثمنا قليلا]: من العدم الذي يعرض لبصائركم، ولا أقل منه. [وإياي فاتقون]: من مظهر الخليفة. فلا أقرب إلى العطب ممن يجالس الملوك. فإنهم يأخذون جليسهم بأقل الجرائر؛ وقطع الرقاب عندهم بإشارة من أصبع. 42. { وَلَا تَلْبِسُوا الْحَقَّ بِالْبَاطِلِ وَتَكْتُمُوا الْحَقَّ وَأَنْتُمْ تَعْلَمُونَ }: أي، لا تخلطوا حكم الحق بحكم الباطل فتختلط عليكم الأحكام وتضلوا عن الحق؛ لأن الباطل الذي هو العدم، لا قيام له بنفسه؛ بل بالحق. وهذا تنبيه إلى الناظر إلى الخليفة، حتى لا يحتجب بصورته العدمية عن الحق المتجلي فيه. لهذا قال: [وتكتموا الحق]: أي، الحق الظاهر في الخليفة. وقد جاء عند الطبري عن السدي في تفسير هذه الآية قوله: الحق هو محمد صلى الله عليه وسلم. وهو قولنا. [وأنتم تعلمون]: من الآيات الصادرة عنه والصفات الظاهرة منه أنه الحق. فليس بعد هذا التعريف شيء لمن كان ذا لب. 43. { وَأَقِيمُوا الصَّلَاةَ وَآتُوا الزَّكَاةَ وَارْكَعُوا مَعَ الرَّاكِعِينَ }: [وأقيموا الصلاة]: أي اطلبوا وصلكم بربكم من مظهر الخليفة؛ [وآتوا الزكاة]: من أنفسكم بإذهاب ظلمتها بالمجاهدات الشرعية. [واركعوا]: أيها المكلفون من الإنس والجن بالخضوع له؛ [مع الراكعين]: من كل شيء في السماوات والأرض، ممن ركوعهم جبلّي حتى تصح عبوديتكم. 44. { أَتَأْمُرُونَ النَّاسَ بِالْبِرِّ وَتَنْسَوْنَ أَنْفُسَكُمْ وَأَنْتُمْ تَتْلُونَ الْكِتَابَ أَفَلَا تَعْقِلُونَ }: الكلام لبني إسرائيل ومن كان على صفاتهم كبعض فقهائنا ممن يأمر الناس بالبر كلاما، وينسى أن يلزم به نفسه حالا وعملا. [وأنتم تتلون الكتاب]: في حال كونكم تتلون الكتاب الذي هو التوراة والإنجيل عند بني إسرائيل، أو القرآن عند الفقهاء؛ فتشهدون بقراءتكم اللسانية للكتاب على كذبكم في أحوالكم. [أفلا تعقلون؟]: لأن من يفعل هذا، لا يكون من العاقلين البتة؛ ومن علامة العقل، السعي في نجاة النفس؛ وهؤلاء يَدينونها. 45. { وَاسْتَعِينُوا بِالصَّبْرِ وَالصَّلَاةِ وَإِنَّهَا لَكَبِيرَةٌ إِلَّا عَلَى الْخَاشِعِينَ }: [واستعينوا بالصبر]: والخطاب للمكلفين الذين ظهروا عن الحقيقة المحمدية، والذين هم منها كالمفصّل من المجمل. وهذا هو متعلق صيغة الجمع هنا. وقد أمروا بالصبر لأن فطام النفس عن ربوبيتها مؤلم. وفسر بعضهم الصبر هنا بالصوم فوافق الأصل الذي نذهب إليه. [والصلاة]: وهي تحقيق الرابطة بالخليفة، وهي من الشعيرة كالروح من الجسد؛ لأنه لا وصول إلى الحق من غير باب محمد صلى الله عليه وآله وسلم. [وإنها لكبيرة]: هذه الصلاة، ثقيلة؛ [إلا على الخاشعين]: الخاضعين المتواضعين لله؛ أما غيرهم فقد حجبهم شخص محمد صلى الله عليه وآله وسلم، عن حقيقته، وظنوا أنه مساوٍ لهم؛ فأبوا وانقطعوا. بل ومنهم من رآه أقل مرتبة منه، لما شهد تمام عبوديته صلى الله عليه وآله وسلم. 46. { الَّذِينَ يَظُنُّونَ أَنَّهُمْ مُلَاقُو رَبِّهِمْ وَأَنَّهُمْ إِلَيْهِ رَاجِعُونَ }: هذه صفة الخاشعين المؤهلين للصلاة. [يظنون]: يؤمنون بإمكان تحقيق هذا الأمر، وإن كانوا يرون أنفسهم دونه بسبب تواضعهم. [أنهم ملاقوا ربهم]: لا يستبعدون من حيث المبدأ لقاء ربهم، من غير أن يعلموا كيفية هذا اللقاء. [وأنهم إليه راجعون]: يجدون في أنفسهم البشارة بالرجوع إلى الله، وإن كانوا يأخذونها في بداية سلوكهم من وراء التكليف الذي يعطي الرهبة. 47. { يَا بَنِي إِسْرَائِيلَ اذْكُرُوا نِعْمَتِيَ الَّتِي أَنْعَمْتُ عَلَيْكُمْ وَأَنِّي فَضَّلْتُكُمْ عَلَى الْعَالَمِينَ }: الكلام لبني إسرائيل أصحاب النسب الظاهر، الذين يفاخرون الأميين به من غير أن يعطوه حقه. ومثلهم من ينتسب إلى أمة محمد صلى الله عليه وآله وسلم من حيث الظاهر، ويرون الميزة لهم على غيرهم من الناس. [اذكروا نعمتي]: وهي النسب الظاهر. [التي أنعمت عليكم]: خصصتكم بها من دون الناس. [وأني فضلتكم]: من هذا الوجه، لا من جميع الأوجه؛ [على العالمين]: غيركم ممن كان يمكن أن يناله معكم ما نالكم. 48. { وَاتَّقُوا يَوْماً لَا تَجْزِي نَفْسٌ عَنْ نَفْسٍ شَيْئاً وَلَا يُقْبَلُ مِنْهَا شَفَاعَةٌ وَلَا يُؤْخَذُ مِنْهَا عَدْلٌ وَلَا هُمْ يُنْصَرُونَ }: [واتقوا]: واحذروا؛ [يوما]: تجليا؛ [لا تجزي نفس عن نفس شيئا]: لا تعتبر فيه الأنساب والأسباب. [ولا يقبل منها شفاعة]: لغيرها فيها. [ولا يؤخذ منها عدل]: بدل عن عبوديتها في نفسها. [ولا هم يُنصرون]: بأن يجعل الله لهم مخرجا من عنده يُنجيهم مما هم فيه من الضيق. 49. { وَإِذْ نَجَّيْنَاكُمْ مِنْ آلِ فِرْعَوْنَ يَسُومُونَكُمْ سُوءَ الْعَذَابِ يُذَبِّحُونَ أَبْنَاءَكُمْ وَيَسْتَحْيُونَ نِسَاءَكُمْ وَفِي ذَلِكُمْ بَلَاءٌ مِنْ رَبِّكُمْ عَظِيمٌ }: يذكّر الله بني إسرائيل ومِن ورائهم كل من أنعم الله عليه بنعمة الانتساب إلى مظهر من مظاهر الهداية النبوية أو الوراثية. [وإذ نجيناكم من آل فرعون]: اذكروا التجلي الذي نجيناكم فيه مما طغى عليكم من صفات الربوبية. [يسومونكم سوء العذاب]: لا تجدون لقهر تلك الصفات رادا ولا دافعا. [يذبحون أبناءكم]: تقتل منكم كل صفة فاعلية؛ [ويستحيون نساءكم]: وتستخرج منكم كل صفة انفعالية. [وفي ذلكم بلاء من ربكم عظيم]: وليس أشد عليكم من هذا التجلي، حيث تستسلمون للقهر استسلاما تاما؛ حتى لكأنكم مع القهر على أنفسكم. 50. { وَإِذْ فَرَقْنَا بِكُمُ الْبَحْرَ فَأَنْجَيْنَاكُمْ وَأَغْرَقْنَا آلَ فِرْعَوْنَ وَأَنْتُمْ تَنْظُرُونَ }: واذكروا التجلي الذي به، [فرقنا بكم البحر]: جعلناكم تشهدون الفرق الذي يجلب عليكم تبعات مُساءلتكم عن حقيقة ما تشهدون. [فأنجيناكم]: بصفات عبوديتكم وإن نسبتموها إلى أنفسكم بحسب شهودكم، فضلا منا وتجاوزا عن تقصير إدراككم فيما تشهدون. [وأغرقنا آل فرعون]: بانقلاب القهر إلى عناية، بعكس ما كنتم تظنون. [وأنتم تنظرون]: من غير أن يتبدل عليكم شيء في صورة ما تشهدون. وذا من أعجب ما يقع لأهل الشهود، يشهدون اختلاف المعاني في نفس الصورة. وهو من أسباب الحيرة الكبرى، الخاصة بكبار أهل الله. 51. { وَإِذْ وَاعَدْنَا مُوسَى أَرْبَعِينَ لَيْلَةً ثُمَّ اتَّخَذْتُمُ الْعِجْلَ مِنْ بَعْدِهِ وَأَنْتُمْ ظَالِمُونَ }: واذكروا التجلي الذي بمقتضاه، جعلنا مواعيد في سيركم، وهو ما يسميه أهل الطريق المنازل؛ لملاقاتنا فيها. [أربعين ليلة]: بعدد مراتب الوجود؛ حتى تنالوا سر كل مرتبة وتتحققوا بها. ثم غفلتم عما أنتم فيه وغلب عليكم استعجالكم، فاتخذتم عقائد تحجبكم عن حقيقتكم؛ تظنون أنكم بها على شيء. [وأنتم ظالمون]: لأنفسكم أشد الظلم بقطعها عن حقيقتها. 52. { ثُمَّ عَفَوْنَا عَنْكُمْ مِنْ بَعْدِ ذَلِكَ لَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ }: [ثم عفونا]: جئناكم بتجل يغطي ظنكم بالحق، فوجدتمونا؛ [من بعد ذلك]: حيث توهمتمونا، ولقيناكم وإن أخطأتم الطريق. [لعلكم تشكرون]: ألا يستحق هذا منكم الشكر، بأن تشهدوا لنا بنعمتنا عليكم، بأكثر مما كنتم تتوقعون؟! 53. { وَإِذْ آتَيْنَا مُوسَى الْكِتَابَ وَالْفُرْقَانَ لَعَلَّكُمْ تَهْتَدُونَ }: واذكروا تجلينا، [إذ آتينا موسى الكتاب]: أنزلنا على أسراركم معنى الجمع فشهدتمونا فيه؛ [والفرقان]: ومعنى الفرق: فشهدتمونا فيه. [لعلكم تهتدون]: إلينا في الجمع والفرق حتى لا تفقدونا أبدا. والكلام بصيغة الجمع في آتينا وغيرها، هو من تجلي الجمع التحقيقي، وتجلي فرق مجموع الأسماء؛ فهو من الجمع والفرق أيضا. 54. { وَإِذْ قَالَ مُوسَى لِقَوْمِهِ يَا قَوْمِ إِنَّكُمْ ظَلَمْتُمْ أَنْفُسَكُمْ بِاتِّخَاذِكُمُ الْعِجْلَ فَتُوبُوا إِلَى بَارِئِكُمْ فَاقْتُلُوا أَنْفُسَكُمْ ذَلِكُمْ خَيْرٌ لَكُمْ عِنْدَ بَارِئِكُمْ فَتَابَ عَلَيْكُمْ إِنَّهُ هُوَ التَّوَّابُ الرَّحِيمُ }: [وإذ قال موسى لقومه]: وإذ جاءكم الخطاب من أسراركم في قلوبكم يخاطب قواكم؛ [يا قوم إنكم ظلمتم أنفسكم]: ببخسكم قدرها؛ [باتخاذكم العجل]: من العجلة، فلم تنتظروا حتى تتبيّنوا. [فتوبوا]: فعودوا؛ [إلى بارئكم]: مُظهر صوركم الحاجبة لكم عن حقيقتكم؛ [فاقتلوا أنفسكم]: فتخلصوا من آثار شهود أنفسكم المقيِّدة لكم عن إطلاقكم. [ذلكم خير لكم]: بموافقتكم الحق؛ [عند بارئكم]: الذي ظهر بصوركم لكم. [فتاب عليكم]: فرجع عليكم منها؛ [إنه هو]: من حيث غيبه الذاتي لا من حيث غيب الغيب؛ [التواب]: العائد على كل صورة بهويته فماحيها؛ [الرحيم]: من رحمته بكم؛ وإشفاقا أن تبقوا منقطعين في تيه الوهم على أسوإ حال وأشدها. 55. { وَإِذْ قُلْتُمْ يَا مُوسَى لَنْ نُؤْمِنَ لَكَ حَتَّى نَرَى اللَّهَ جَهْرَةً فَأَخَذَتْكُمُ الصَّاعِقَةُ وَأَنْتُمْ تَنْظُرُونَ }: [وإذ قلتم يا موسى لن نؤمن لك]: وإذ ارتبتم فيما وجدتم في بواطنكم من خطاب الحق، وزنتموه بأفكاركم وما وجدتم عليه آباءكم من عقائد؛ [حتى نرى الله جهرة]: وطلبتم أن تروا الله جهرة منكم، بأن لا يتعسر عليكم شيء من التصرف في الكون، حتى تصدقوا ما جاءكم. [فأخذتكم الصاعقة]: بسبب عدم وسع المقيّد للإطلاق؛ [وأنتم تنظرون]: إلى تجلي الإطلاق في المقيد. ولولا ذلك، فمن أين أتتكم صفاتكم الوجودية من حياة وعلم وقدرة وإرادة وسمع وبصر وكلام، وما تفرع عنها؟..؛ وأنتم تعلمون علم اليقين أنكم عدم بالأصالة؟!.. 56. { ثُمَّ بَعَثْنَاكُمْ مِنْ بَعْدِ مَوْتِكُمْ لَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ }: [ثم بعثناكم]: رددناكم إلى أنفسكم. [من بعد موتكم]: بالصعق، حيث فني حدوثكم واندثر في بحر إطلاق القِدم. [لعلكم تشكرون]: لعلكم إذا عدتم إلى أنفسكم بما ظفرتم به من تجل حقاني، تشكرون الله لـِما تفضل عليكم به من تخصيص، وأولاكم من عناية؛ وهو الغني عنكم سبحانه. 57. { وَظَلَّلْنَا عَلَيْكُمُ الْغَمَامَ وَأَنْزَلْنَا عَلَيْكُمُ الْمَنَّ وَالسَّلْوَى كُلُوا مِنْ طَيِّبَاتِ مَا رَزَقْنَاكُمْ وَمَا ظَلَمُونَا وَلَكِنْ كَانُوا أَنْفُسَهُمْ يَظْلِمُونَ }: [وظللنا عليكم الغمام]: لطفا بكم حتى لا تحرقكم أنوار الحقيقة، وتتضرر مناطات الحكمة ومخاطبات الشريعة منكم؛ فتنزلوا عن مرتبة الكمال. [وأنزلنا عليكم المن والسلوى]: وغذيناكم بالعلوم العلوية من باب المنّ، وأنزلنا عليكم السلوى عن أنفسكم التي كنتم قد ألفتم رفقتها. [كلوا من طيبات ما رزقناكم]: من الأغذية الروحانية التي لا شائبة فيها من الطبيعة. [وما ظلمونا]: من انحجبوا عنا بأنفسهم؛ [ولكن كانوا أنفسهم يظلمون]: بانحجابهم عن حقيقتها. 58. { وَإِذْ قُلْنَا ادْخُلُوا هَذِهِ الْقَرْيَةَ فَكُلُوا مِنْهَا حَيْثُ شِئْتُمْ رَغَدًا وَادْخُلُوا الْبَابَ سُجَّدًا وَقُولُوا حِطَّةٌ نَغْفِرْ لَكُمْ خَطَايَاكُمْ وَسَنَزِيدُ الْمُحْسِنِينَ }: [وإذ قلنا ادخلوا هذه القرية]: وهي جمعية كثرة الصفات؛ [فكلوا منها حيث شئتم رغدا]: فاستمدوا منها على حسب معانيها الخاصة المطابقة لقواكم، من غير حجر ولكن بما يوافق استعدادكم. [وادخلوا الباب سجدا]: الباب هو مدخل الذات من الصفات، وهو باطن الحقيقة المحمدية؛ لأنه لا يعقل من الذات إلا الباب، أما ما بعده فلا ذكر لشيء فيه من حق أو خلق. وهو ما عبر عنه الشارع بالعمى لما سئل: أين كان الله قبل أن يخلق الخلق؟ جاء عن أبي رزين رضي الله عنه أنه قال: قلت: يا رسول الله، أين كان ربنا قبل أن يخلق خلقه؟ قال: «كان في عماء، ما تحته هواء وما فوقه هواء. وخلق عرشه على الماء»[ أخرجه الترمذي في الجامع، وابن ماجة في سننه، وأحمد في مسنده]. فها قد عرفناك الباب وما بعده. [سجدا]: بما يوفي المقام حقه من الأدب؛ فإن من حرم الأدب هنا عطب. [وقولوا حطة]: اسألوا الله أن يحط عنكم أثقال نسبكم وما ظهر عليكم من منسوب وجوداتكم في كل مراتبكم. [نغفر لكم خطاياكم]: نتحمل عنكم كل ما سبق ذكره بتصحيح النسبة إلينا؛ فنكون نحن الحاملين لا أنتم. [وسنزيد المحسنين]: سنزيد من أحسن الأدب وأحسن الرجوع بإثبات نسبته، بنا؛ فيكون بنا ثابتا، من غير أن ينقص ذلك من مقامه شيئا. وهذا لا يكون إلا لكبار المحققين من الأنبياء والورثة. 59. {فَبَدَّلَ الَّذِينَ ظَلَمُوا قَوْلاً غَيْرَ الَّذِي قِيلَ لَهُمْ فَأَنْزَلْنَا عَلَى الَّذِينَ ظَلَمُوا رِجْزاً مِنَ السَّمَاءِ بِمَا كَانُوا يَفْسُقُونَ }: [فبدل الذين ظلموا]: أنفسهم؛ [قولا غير الذي قيل لهم]: طلبوا غير ما أمِروا به، واحتملوا ما لم يُحمَّلوه. [فأنزلنا]: من عنديتنا؛ [على الذين ظلموا]: دون غيرهم؛ [رجزا من السماء]: شائبة من سماء الحقائق، عمّينا عليهم بها ما دعوناهم إليه فيما قبل؛ [بما كانوا يفسقون]: بما كانوا يخالفون من توجيهات إلهية. والشائبة التي تصيب هؤلاء هي الشرك الذي يعرض لهم من حقيقة العدم الظاهر في الوجود، فيحجبوا بها عن حقيقة الذات. وما ظلم هؤلاء الفاسقون أنفسهم إلا بسبب قصور استعداداتهم وانحرافها. 60. {وَإِذِ اسْتَسْقَى مُوسَى لِقَوْمِهِ فَقُلْنَا اضْرِبْ بِعَصَاكَ الْحَجَرَ فَانْفَجَرَتْ مِنْهُ اثْنَتَا عَشْرَةَ عَيْناً قَدْ عَلِمَ كُلُّ أُنَاسٍ مَشْرَبَهُمْ كُلُوا وَاشْرَبُوا مِنْ رِزْقِ اللَّهِ وَلَا تَعْثَوْا فِي الْأَرْضِ مُفْسِدِينَ }: [وإذ استسقى موسى]: وإذ استجلب القلب من الروح الإلهي؛ [لقومه]: من القوى المعنوية، العلوم المناسبة لكل منها، من أجل أن تقوم بها حياتها. [فقلنا اضرب بعصاك]: بقوة همتك التي باطنها الإرادة؛ [الحجر]: وهو كل صورة كونية. كانت حجرا، لأن أصلها معانٍ مكثفة. فكأنها انعقدت وتصلبت بعد أن كانت ميسّرة لينة. [فانفجرت]: نبعت بقوة، بسبب طلاقة أصلها. [منه]: من غيب الحجر الذي هو حقيقته. [اثنتا عشرة عينا]: صنفا من العلوم، على عدد بسائط العدد، للإحاطة. وهي: 1.العلم بظاهر الصورة وما يميزها عن غيرها. 2. العلم بالمعنى العام منها والخاص. 3. العلم بالبساطة والتركيب فيها. 4. العلم بالمعاني الجزئية. 5. العلم بالكمال العام والجزئي منها. 6. العلم بباطن الصورة. 7. العلم العام بباطنها. 8. العلم بحقائقها وتركيبها. 9. العلم بالسر الإلهي فيها إجمالا وتفصيلا. 10. العلم بنوع التجلي فيها. 11. العلم بحكمها بحسب الأحوال. 12. العلم بالكمال العلمي العام بها، والجزئي. نصف هذه العلوم للظاهر، ونصفها للباطن. [قد علم كل أناس مشربهم]: قد جُعل كل علم مناسبا لقوة من القوى الظاهرة والباطنة في الإنسان. فالعلم بظاهر الصورة متعلق بالبصر، والثاني متعلق بالسمع، والثالث بالإدراك، والرابع بالفكر، والخامس بالحكمة، والسادس بالفراسة، والسابع بالفهم، والثامن بالعلم، والتاسع بالروح، والعاشر بالنور، والحادي عشر بالحال، والثاني عشر بالذوق في كل ذلك. [كلوا واشربوا من رزق الله]: أذن الله لمختلف القوى الإنسانية بالاستمداد من هذه العلوم من حيث الصور والمعاني، من كونها مددا إلهيا عاما، تفصّله الأسماء المختلفة، بحسب ما يعطيه التجلي. [ولا تعثوا في الأرض مفسدين]: النهي لهذه القوى أن تفسد في الأرض الإنسانية بطغيان إحداها على غيرها، أو تتجاوز حدها فيما جعلت له، فيفسد العلم الخاص بها ويتكدر. وهو ما يؤدي إلى فساد النتائج وفساد الأعمال والأحوال. ومن ذلك طغيان الظاهر على الباطن عند الوثنيين وغلاظ الطبع؛ وطغيان الفكر على العلم عند المتفلسفين وأهل النظر؛ إلى غير ذلك مما يطول الكلام فيه. |