![]() انتهاء الاعتصام بعد 1255 يــــــوم
بسم الله الرحمن الرحيم. يُنهي شيخ الطريقة العمرية عبد الغني العمري الحسني، إلى علم الرأي العام، ومن بعده إلى علم أتباع الطريقة العمرية في أنحاء العالم، أنه: 1. قد عزم على إيقاف اعتصامه مع عائلته داخل بيته نهاية يوم الثلاثاء 15-5-2018م، بمناسبة حلول شهر رمضان الكريم لعام 1439ه. وللإشارة، فإن هذا الاعتصام قد بدأ يوم الاثنين 8-12-2014م، واستمر طيلة 1255 يوم. 2. سيغادر مدينة جرادة التي كانت محل اضطهاده وعائلته من طرف السلطات المحلية والأجهزة الأمنية، مع توظيف الأوباش والسفهاء من أهل المدينة في هذا العمل الشنيع. وسيكون مقر الشيخ المقبل إن شاء الله بمدينة سلا، مرفوقا بجميع أفراد عائلته. حرر بجرادة ليلة الأربعاء: 16-5-2018م. شيخ الطريقة العمرية: عبد الغني العمري الحسني ![]() ![]() Translated
Sheikh's Books |
![]()
2022/08/22
عذر أقبح من ذنب
إن الزوبعة التي أثارها الدكتور أحمد الريسوني بتصريحاته غير الموفقة، في برنامج حواري مغربي في أصله، لم تستثرنا في البداية لنرد عليها -ونحن الذين سبقنا إلى بسط المأساة الصحراوية بسطا شرعيا منذ مدة في مقال لنا موجود على موقعنا- بقدر ما استثارنا حواره مع قناة المغاربية، الذي أراد منه التوضيح كما قال. وبما أننا لم نر للتوضيح وجودا ضمن الحوار الذي كانت أسئلته كتابية، ووجدنا هروبا إلى الأمام يعتمده غير العلماء، فإننا آلينا على نفسنا أن نقوم نحن بالتوضيح المطلوب، على قدر مستطاعنا؛ خصوصا وأننا نشاركه الانتماء إلى المغرب. ولنجمل ذلك في نقاط مركّزة -كما هي عادتنا- لتسهيل التتبع على من أراد الخروج من هذه الدوامة بطائل: 1. كان يُفترض -كما سمعنا من الدكتور- أن يكون حوار المغاربية حوارا توضيحيا، فإذا به ردود ديماغوجية، يزيد الدكتور فيها تضخيما لنفسه، وترسيخا لمكانته "العلمية" التي يدعيها ولا نقرها له. 2. لجأ الدكتور إلى إنكار ما فاه به، من دون أن يصدُق لا في إثباته ولا في الاعتذار عنه؛ ولسنا نقصد إلا مسألة الجهاد بالنفس التي جادت بها نفسه في الحوار المغربي الأصلي. وعندما سئل: هل كان يدعو إلى الاقتتال بين المغاربة والجزائريين، قال إن هذا مما زيد عليه من قِبل جهات مترصدة. والحقيقة هي أن الجهاد بالنفس الذي ذكره، لا يكون إلا بالاقتتال وباستعمال السلاح. وهذا المحيد عن الصراط السوي، لا يليق بمن ينسب نفسه إلى العلم أبدا!... وقد كان المرء في سابق عهود الأمة تُسقط مروءته لأقل من هذا!... 3. عند تعليقه على عنوان جريدة الصباح: "الريسوني سكت دهرا ونطق كفرا"، بقوله: إنه لم يسكت قط، ولعله يتكلم أكثر من المطلوب!... انتهج سبيل التلاعب بالألفاظ، وهذه ديماغوجية، ليس فيها من رائحة العلم شيئا؛ وهي تنبني على مغالطة، لا سبيل إلى مجاوزتها، وهي: أن السؤال كان متعلقا بمسألة الصحراء وطريقة حلها، لا بالكلام والسكوت عموما. ونحن نعلم أن الدكتور، لم يتناول مسألة الصحراء بكلام، وحتى من قبل أن يُنصَّب رئيسا للاتحاد العالمي البريء من العلم ومن الاتحاد معا. وأنا كنت قد لاحظت على الدكتور عدم كلامه في مسألة الصحراء منذ أن صار يتكلم، ولو أنه كان تكلم في شأنها بما يحيط بوجوهها من جهة الشرع (إن علمها)، ما كان لأمثالي أن يسبقوا إلى تبيين وجوهها باقتضاب في مقال: "قضية الصحراء من الناحية الشرعية". ولعل الدكتور قد شغلته المسائل التي يسمح "الاتحاد" لأعضائه بتناولها، أو التي يقترحها يوسف القرضاوي المقاول العام للاتحاد. وربما قد يزعم الريسوني أنه لم يفرغ للمسائل الإقليمية والمحلية، إلا بعدما فرغ من شؤون الأمة كلها: فلا الإيغور عادوا مضطهدين، ولا مسلمو الهند يقتلون، إلى غير ذلك مما يشهده العالم في هذا الزمان... أما حال الشعوب العربية، فهو قطعا خارج اهتمام فقيهنا واهتمام اتحاده. ونحن لا نرى دخول الدكتور في مسألة الصحراء، إلا تملقا متأخرا للدولة المغربية، برجاء تحقيق بعض المآرب الشخصية؛ ولكنه جاء منتقَصا، وغير خال من الطعن. وهذا لأنه قال في حواره الأول: إن اقتراحه (غير الواقعي)، إنما جاء حتى تعود الدولة المغربية في مسألة الصحراء، إلى الشعب لا إلى إسرائيل؛ وهذا اتهام للدولة بأنها أساءت التقدير عند استئناف علاقاتها بها. وهو أيضا، طعن جليّ، كان ينبغي أن يقف فيه الريسوني لرفاقه من حركة التوحيد والإصلاح، ومن حزب العدالة والتنمية، الذين وقع أمينهم العام حينذاك على المعاهدة المغربية الإسرائيلية بنفسه. فهل منتسبو العدالة والتنمية، يسكتون على الباطل، إن كان عليه أحدهم؛ ثم عندما تصير الحكومة لغيرهم، جاز لهم سن سيوف الطعن؟!... فهل الحق عند العدالة والتنمية، يُعرف بالرجال؟!... إذاً، فكلام جريدة الصباح في عنوانه صحيح، وإن لم أقرأ المقال، حتى أحكم على مضامينه!... ونحن نقول: لقد سكتّ يا دكتور طويلا، على عادة الإسلاميين، الذين لا يُشبهون في حساباتهم قبل إتيان الأفعال والمواقف، إلا أهل القمار، الذين "يحسبُون" الأوراق الباقية عند اللاعبين الخصوم، ليغلبوهم!... أصبح فقهاؤنا يتخلقون بأخلاق أهل القمار!... فهل بقي من العجب شيء لم نره؟!... 4. كان على الدكتور، أن يتكلم في حِواريْه لغة علمية مؤسَّسة، تضيف إلى رصيد كتاباته، وإن كان فيها نظر؛ ولكنه اختار العدول إلى لغة سياسية "خشبية"، يكرر بها على أسماعنا، ما سبق أن سمعناه على ألسنة الوعاظ دهرا. وكأنه إما قد اعتاد على خطاب واحد إنشائي، ولا يتمكن من مفارقته، وهو الراجح مبدئيا؛ وإما أنه اختار الأسلوب السياسي، لعلمه باتساعه للتدليس، والمماطلة، والتحريف، لضعف حجته وعدم خلوّه عن الأغراض. 5. وحتى لو حاسبنا الدكتور بما يُحاسب به السياسيون، فإننا سنجده قد ترك أسلوب السياسة العلمي، وعدل إلى أسلوب سياسيينا (سياسيي الشعوب المتخلفة)، فصار يقدم بما شاء من مقدمات، لما شاء من النتائج؛ وكأنه يخاطب عوام الدواوير والأحياء المهمشة في موسم انتخابي، كما هي مواسمنا الخارجة عن التاريخ!... صار الدكتور يُثبت لنفسه بأسلوب مقدَّمي الحوْمات عندنا، ما شاء، مما يخاف أن يفارقه قريبا من جهة الظاهر، وإن كان مفارقا له عندنا منذ كان. فتكلم (وهذه نماذج مما علق بذهني من "التوضيح" المزعوم ومن غير مراجعة) عن صفته العلمية التي هي من الله، وليست كصفات الحكام الذين هم محتاجون في التنصيب إلى الناس. وهذا إن لم يكن كذبا، فإنه جهل كبير!... لأن تنصيب الحكام يكون من الله أولا، بدليل قول الله تعالى في محكم التنزيل: {قُلِ اللَّهُمَّ مَالِكَ الْمُلْكِ تُؤْتِي الْمُلْكَ مَنْ تَشَاءُ وَتَنْزِعُ الْمُلْكَ مِمَّنْ تَشَاءُ وَتُعِزُّ مَنْ تَشَاءُ وَتُذِلُّ مَنْ تَشَاءُ بِيَدِكَ الْخَيْرُ إِنَّكَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ} [آل عمران: 26]. وهذا التنصيب من شأن الإرادة الإلهية التي لا راد لها. وأما الشورى التي كان يروم الفقيه الإشارة إليها، والبيعة التي تتبعها، فهما من شأن الحكمة؛ والحكمة لا دخل لها إلا في الترتيب. والترتيب، ينبغي أن يكون تابعا لقضاء الله الذي هو هنا التمليك. وبهذا تكون البيعة ليست هي الأصل في التنصيب، وإنما هي ما يتعلق بظاهر المسألة، وما تترتب عليه الأحكام الشرعية التابعة، والتي على رأسها التحاكم عند التنازع، إلى شرع الله. يقول الله تعالى: {يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا أَطِيعُوا اللَّهَ وَأَطِيعُوا الرَّسُولَ وَأُولِي الْأَمْرِ مِنْكُمْ فَإِنْ تَنَازَعْتُمْ فِي شَيْءٍ فَرُدُّوهُ إِلَى اللَّهِ وَالرَّسُولِ إِنْ كُنْتُمْ تُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ ذَلِكَ خَيْرٌ وَأَحْسَنُ تَأْوِيلًا} [النساء: 59]. وهذا يدخل ضمن مبدأ محاسبة الحاكم على ضوء أحكام الشرع، بحسب ما شُرع لنا، لا بحسب ما هو موجود ضمن المبادئ الديمقراطية الغريبة. ولكن الدكتور الريسوني، لن يكون إلا ديمقراطيا، على غرار شيخه القرضاوي. أما نحن فنسائلهما: هل الديمقراطية من الدين حتى تُلتزم؟ أم هي من خارجه حتى ننبذها؟... نعم أنا أعلم جواب القرضاوي، وسمعته منه سابقا؛ هو يقول: نأخذ منها الآليات، ونترك الفلسفة المؤسسة لها!... ونحن نسأل هنا: ولِم نعدل من الشورى إلى الديمقراطية، والشورى هي الأصل عندنا؟... فيجيب كثير من جاهلي العلماء: إن نحن عملنا بالآليات الديمقراطية، فإنها تعود شورى، فنقول: لا يصدر هذا الكلام إلا عن أعمى بصيرة!... وهذا، لأن الديمقراطية لا تنقلب، لسببين: الأول هو استصحاب الظلمة لها، بما أنها مؤسسة من قِبل أهل الظلمة الكافرين. والثاني هو أنها تستتبع ذيولا من المعاصي في طيّها، منها: الترشح الذي نهى النبي صلى الله عليه وآله وسلم عنه، بقوله: «إِنَّكُمْ سَتَحْرِصُونَ عَلَى الْإِمَارَةِ وَسَتَكُونُ نَدَامَةً يَوْمَ الْقِيَامَةِ، فَنِعْمَ الْمُرْضِعَةُ وَبِئْسَتِ الْفَاطِمَةُ!» [أخرجه البخاري عن أبي هريرة]. وهذا نهي صريح عن الترشح، وفقهاؤنا أوقعوا الناس فيه بفتاواهم العليلة غير آبهين. ومع النهي يوجد إنذار: وهو ما دل عليه آخر الحديث، ومفاده إن المستهين بالإمارة الطالب لها، يوشك أن يندم على ما احتمله من أوزار، عند الحكم عليه بدخول النار؛ فتحل الندامة عند حلول الفطام، بعد الرضاع. والمقصود من الرضاع، هو الانتفاع بالمنصب بطرق غير شرعية؛ كما حدث مع جميع الإسلاميين الذين وصلوا إلى المناصب الحكومية... أما من كان على مذهب إخوانيٍّ -ونحن نرجّح أن الريسوني عليه- مفاده أن الفرد من جماعة الإخوان، يجوز له أن يتأسّى بيوسف عليه السلام عندما طلب من العزيز: {قَالَ اجْعَلْنِي عَلَى خَزَائِنِ الْأَرْضِ إِنِّي حَفِيظٌ عَلِيمٌ} [يوسف: 55]؛ فنقول في المقابل: إن أصحاب هذه الفتوى، مجانين، وهم أسوأ من المخالفين للحكم الشرعي من السابقين!... وقد سألني مرة أحدهم مستدلا بالآية السابقة، فأجبته: عنما يكون المترشح كيوسف ربانيا، ماسكا بزمام نفسه، هواه تحت قدمه، فليفعل. أما أن يكون سفيها أو بيّن الفسوق، ثم يطلب الاقتداء بيوسف في الحال، فهو مجنون كما أثبتنا أولا. وأما من اختار أن يولي عليه المجانين من الشعوب المتخلفة، والتي أسلمها فقهاء السوء إلى أولئك المجانين باتفاق وتواطؤ، مُعلَنَيْن أو غير مُعلَنَيْن، فإن ذلك هو ما أتى إلى الأمة بهذا الفساد الذي لا أول له ولا آخر... وعلى هذا، فإن فقه القرضاوي في مسألة الديمقراطية غير معتبر، بما أنه مؤسَّس على غير الشرع. فهل يعود الريسوني عن هذا، إلى الحق الذي لا شبهة فيه؟!... ومن أغلاط الإخوانيين أيضا، والريسوني منهم، أنهم نظّروا تنظيرا للحكم في الإسلام لا يختلف عن تنظير الكفار، إلا من حيث المصطلحات المستعملة، والتي تُختار من المعجم الفقهي. يقول الريسوني في أحد كتبه: إن الحكم في الإسلام للأمة، والأمة تُنيب عنها من تشاء ليكون أميرا، ثم يزعمون بأن العمل يكون بالشريعة فيما دون ذلك، بعد أن لم يبق دون!... وهذا التنظير باطل بالأدلة التي أوردناها سابقا... وأما استناد الريسوني في كلامه، إلى كلام محمد الطاهر بن عاشور، فهو من طريقة الفقهاء؛ لأن الدليل في العلم ينبغي أن يكون من القرآن والسنة وحدهما. وأما كلام الفقهاء، فيبقى للاستئناس فحسب!... وصِفة العلم التي أثبتها الريسوني نقلا عن ابن عاشور، ومفضيا إلى الحكم بأن العالم يولَّى تلقائيا من قِبل الله بعلمه، وهو هنا أفضل من الحاكم الذي يولّى من قِبل الناس في نظره؛ فهي مغالطة كبرى، كما يتبيّن مما يلي: ا. الحكم في الإسلام لله: يقول الله تعالى في المحكم: {قُلْ إِنِّي عَلَى بَيِّنَةٍ مِنْ رَبِّي وَكَذَّبْتُمْ بِهِ مَا عِنْدِي مَا تَسْتَعْجِلُونَ بِهِ إِنِ الْحُكْمُ إِلَّا لِلَّهِ يَقُصُّ الْحَقَّ وَهُوَ خَيْرُ الْفَاصِلِينَ} [الأنعام: 57]. والمسلمون يعلمون من جهة الإيمان أنه لا يقع في الأمة إلا ما قضى الله به، ومن جملة ما يقضي فيه: منصب الملك أو الخليفة بحسب الوقت. وهذا يعني كما رأينا سابقا أن الله هو من يُمَلِّك الملك، وهو من يستخلف الخليفة. فكيف يكون الحكم في جهة لم يُخبر عنها الله، ولا يكون في جهة أخبر عنها سبحانه؟... أليس هذا من تحريف الكلم عن مواضعه الذي كان فعل أحبار يهود؟... فهل صرتم تستنون بسنن اليهود، وتتركون ما هو خير؟... اعلم يا دكتور، أنك أنت وأمثالك، ممن ورد في شأنهم الحديث الذي يقول فيه النبي صلى الله عليه وآله وسلم منبها منذرا: «لَتَتَّبِعُنَّ سَنَنَ مَنْ قَبْلَكُمْ شِبْرًا بِشِبْرٍ وَذِرَاعًا بِذِرَاعٍ، حَتَّى لَوْ سَلَكُوا جُحْرَ ضَبٍّ لَسَلَكْتُمُوهُ! قُلْنَا: يَا رَسُولَ اللَّهِ، آلْيَهُودَ وَالنَّصَارَى؟ قَالَ: فَمَنْ!» [متفق عليه عن أبي سعيد الخدري]. وأنتم قد اتبعتم في شؤون الحكم اليهود والنصارى، باتباعكم للديمقراطية؛ هذا، حتى تعلم أنكم لستم علماء الأمة كما تزعم، وإنما أنتم علماء الفتنة!... ألا ترى كم بلدا خرب شيخك بفتاواه القاتلة؟... مع أنه كان يزور تلك البلاد فيما قبل، ولا ينصح أهلها إن كان يرى انحرافا عندهم؛ بل كان يُثني على الحاكم، ويأخذ منه الهدايا، ثم ينقلب إلى أهله مسرورا. وبعد مدة قصيرة، صار يُفتي بجواز الخروج على أولئك الحكام عينهم وقتلهم. إذاً، فإما أنه كان مداهنا للحكام في البداية، فلا تُقبل منه الفتوى فيما بعد؛ وإما أنه كان صادقا معهم، فلا يجوز التحريض عليهم عندئذ، ودعوة الناس إلى قتلهم، لعلة التناقض. والأحق من هذا وذاك، وما نراه نحن لائقا به، هو أنه مداهن في الوضع الأول، وغادر في الثاني. وهذه كلها، لا يمكن أن تكون من صفات العلماء؛ إلا إن كانوا من علماء الفتنة في آخر الزمان. وهذا الصنف الذي تنطبق أوصافه عليه وعلى من معه، قد ذكرهم النبي صلى الله عليه وآله وسلم، في قوله: «إِنَّ اللَّهَ لَا يَقْبِضُ الْعِلْمَ انْتِزَاعًا يَنْتَزِعُهُ مِنَ الْعِبَادِ، وَلَكِنْ يَقْبِضُ الْعِلْمَ بِقَبْضِ الْعُلَمَاءِ؛ حَتَّى إِذَا لَمْ يُبْقِ عَالِمًا، اتَّخَذَ النَّاسُ رُؤُوسًا جُهَّالًا، فَسُئِلُوا فَأَفْتَوْا بِغَيْرِ عِلْمٍ، فَضَلُّوا وَأَضَلُّوا!» [متفق عليه عن عبد الله بن عمرو بن العاص]. والآن ألا ترى يا دكتور، أن هذه الأوصاف تنطبق عليكم؟... إذاً فأنتم ضالون مضلون!... ب. صفات العلماء من الوحي: بما أن الفقهاء قد استولوا على صفة العلم بغير حق منذ الزمان الأول، فإنه ينبغي أن نعود إلى الدلالة الأولى للمصطلح، كما هي في القرآن. يقول الله تعالى: {إِنَّمَا يَخْشَى اللَّهَ مِنْ عِبَادِهِ الْعُلَمَاءُ} [فاطر: 28]. وقد قال قوم، من المؤسسين للعلمانية العربية: إن العلماء هم علماء الأكوان (التجريب والفلك وغير ذلك...)؛ يريدون بهذا أن يتخلصوا من طبقة الفقهاء المتخلفة. والحقيقة هي أننا لو سألناهم عن القرينة التي هي الخشية، لما علموا لها معنى يُدرك!... فتبيّن أن كلام العلمانيين، بإثبات صفة العلم لعلماء الأكوان، إنما هو تحكم باد، ومخالفة لمحكم الآي، إن كان لهم من حرص على الوحي!... وأما الفقهاء، فهم على علم بالأحكام الشرعية، إن ثبت لهم هذا العلم وصح؛ لأن كثيرا ممن يعدون أنفسهم علماء، يخلطون في الأحكام، ويتبعون الأهواء. ولو صدق الفقيه الحائز للصفة، فإنه لا يعدو أن يكون عالما بالأحكام، بحيث عندما نطلق عليه صفة العالم، فإنه ينبغي أن يصاحبها التقييد في الأذهان. أما تسميتهم علماء بالإطلاق ومن غير تقييد إضافةٍ، فإنه من تحريف القرآن؛ لأن القرآن عندما يذكر صفة العالم، فإنه يقصد منها معنى وحيدا، لا ثاني له، وهو: العالم بالله. والعلم بالله، على هذا، هو "العلم"، بـ "الـ" العهدية؛ لأن الله هو المعلوم على التحقيق. يعلم هذا العالِمون بالله، ولا يحتاجون فيه إلى كثرة كلام!... وأما الخشية المذكورة في الآية السابقة، فهي حال العلماء بالله، المصاحب لهم على الدوام. أما الفقهاء، فليسوا على خشية، كما يدل على ذلك تطاولهم على الشعائر المعظمة، بل جهلُهم بها. وهم في الغالب يأخذون الخشية، على أنها الخوف المعلوم من حال المؤمنين، وهي غير ذلك!... فيتبيّن من كل هذا أن صفة "العالِم"، لا نحتاج فيها إلى توجيه ابن عاشور، ولا إلى تلفيق الريسوني؛ وهي (أي الخشية) من مجاهيل فقه الفقهاء الذين استولوا على الصفة بغير حق، فأضروا الأمة بذلك بالغ الضرر... 6. أما اتهام الدولة المغربية بالاعتماد على إسرائيل، فهو حط من قدرها إلى مستوى لا يليق. ولقد كان الأولى القول باتفاق المغرب مع إسرائيل، على ما يرى الطرفان أنه ينفعهما. وهذا يدخل ضمن التكتيك المرحلي، ولا يدخل ضمن الاستراتيجية العامة. نعم، ينبغي تحذير الدولة المغربية، من الوقوع في المحظورات الشرعية أولا، ثم في حبال الاحتيال الصهيوني ثانيا. وهذا من عمل الفقهاء المغاربة، لو كان لنا فقهاء!... وهذا الكلام للريسوني، يصب في مزاعم حكام الجزائر، الذين يريدون أن يظهروا بمظهر المفارق لإسرائيل على التمام. وهذا لا يصح، لأننا نعلم جميعا أن النظام الجزائري على علاقات سرية بإسرائيل، وعلى معاملات تجارية وعسكرية غير خفية. وهذه المغالطة إن تغافل العقلاء عنها عند صدورها من جهلة الحكام العسكريين في الجزائر، فإنه لا يُتغافل عنها عند صدورها من مدّع للفقه، ولا فقه!... والمغرب (نرجو أن يكون كذلك)، إنما يريد أن يستعيد ولاء اليهود المغاربة الطيبين، الذين استغفلتهم المنظمة الصهيونية إبان إنشاء ما يُسمى إسرائيل، والذين غدر بهم الغادرون عند "بيعهم" للمنظمة الصهيونية بيعا... 7. إن دخول الريسوني في جدل اسمِ دولة موريتانيا الشقيقة، هو مزايدة على أبنائها الذين إن لم يفوقوا الريسوني علما، فلن يقلّوا عنه!... والموريتانيون وحدهم من هم أولى بالنظر في اسم بلدهم، إن شاءوا ذلك!... وبدل هذه الفتنة، كان يجدر بالفقيه المغربي أن يدل على أسباب الوحدة، والتي هي أكثر من أن تُحصر. وعلى كل حال، فنحن نراهن في هذه المسألة على رجاحة عقل فقهاء موريتان، وندعوهم إلى عدم تبنّي مواقف حكامهم الرسمية؛ لأن الحكام لا ينظرون إلى أبعد من أنوفهم!... 8. من هروب الدكتور الريسوني في مكابرته إلى الأمام، دخوله في الحل السياسي لقضية الصحراء، وكأن له من المكانة ما يمكّنه من ذلك!... وهذه أيضا مغالطة كبيرة!... وما سماه اقتراحا من قِبله، على دول الإقليم، لا قيمة له؛ لأن كلامه رُفض من مبدئه. واقتراحه، بذهاب "العلماء" إلى تندوف، ليس إلا حلم الكرى في واضحة النهار: ا. لأنه لم يُمنح صفة التمثيل من قِبل فقهاء المغرب، بله غيرهم من إخوانهم المغاربيين. فكيف يدعو إلى شيء لا يضمن أن يوافقه عليه الفقهاء أنفسهم؟!... أم هل بلغ به المرض النفسي مبلغ أن يُنصِّب نفسه من نفسه نائبا عن جميع الفقهاء المغاربيين؟!... ثم: ليدلنا الريسوني على العلماء الذين لا يخضعون لحكام بلدهم (فيما لا يجوز الخضوع فيه شرعا)، حتى نعتبرهم؛ وهو الاستقلال الذي اشترطه عليهم!... وهل الريسوني فقيه مستقل؟... هل الاستقلال بخصوصه، يعني الاستقلال عن تحكم الدولة المغربية وحدها؟... وأين استقلاله عن دولة قطر؟... وهل يوجد فقيه في العالم مستقل؟... نعم، نحن على يقين من وجود فقهاء مستقلين، لكن دلونا عليهم؛ لأننا إلى الآن لم نظفر بمعرفة أحدهم!... ب. لأن الأمر في دخول تندوف يعود الآن إلى الدولة الجزائرية وحدها. وقد كان الأولى بالريسوني أن يخاطب دولة الجزائر، وإن كنا نعلم أنه لن يسترعي اهتمامها؛ بدل إدخال جميع الدول المغاربية في فتنة كانوا في غنى عنها!... ونحن نؤكد هنا، أن حل مسألة الصحراء، هو بيد النظام الجزائري؛ لأن الصحراويين من أهل تندوف أنفسهم ما عادوا يملكون أمر أنفسهم بعد متاجرة العسكر الجزائري بهم في المحافل الدولية!... وإن أمر عودة النظام الجزائري إلى الجادة، هو بيد الشعب الجزائري وحده، بما هو شعب، لا بما هو مجموعة فقهاء. وإلى حين قيام الشعب الجزائري لتصحيح مسار دولته، فالأفضل السكوت عن هذه الأمور العويصة، والكلام عما يجمع ولا يفرق... ج. لأن الريسوني لا فقه له في السياسة، حتى ينبري لهذه المبادرة الفردية، التي لا تدل إلا على احتمال دخوله في الخرف!... وإن على الإنسان أن يستشير خبراء السياسة ممن يثق بهم، ليعلم جدوى ما يقترح، ويعلم مدى قابليته للتطبيق. فهل استشار الريسوني أحدا، حتى يشاركه في تبعات كلامه؟ أم اكتفى بمشاورة القرضاوي وحده؟... وهذا لأننا علمنا من بيان ما يُسمّى زورا "الاتحاد العالمي لعلماء المسلمين" أن أمينه العام لم يكن على خبر بالأمر... وهذه الحادثة، تتطلب الآن مراجعة "الاتحاد" من أصله، والنظر في مدى تحقيقه لمصالح المسلمين؛ لأننا نراه من أسباب التفرقة والتمزيق، بعكس ما يدل عليه اسمه. بل نحن لا نستبعد هيمنة الفكر الدجالي المعاصر على "الاتحاد"، وتبعيته لدول بعينها، يخدم أغراضها بعيدا عن الإسلام المتاجَر به، والمـُستَغفَل به من لا نور له ولا بصيرة من الشعوب!... 9. ظهرت مكابرة الريسوني في كل كلامه فجة وسافرة، يُصر بها على ما ذكره مع تحايل، ويرفض أن يقر بخطئه أو أن يتراجع عنه ميلمترا واحدا. فهو يجيب عن سؤال قناة المغاربية التي نعلم أنها إخوانية قطرية (على مذهب الريسوني السيء) بخصوص مدى توفُّقه في إجاباته، بأنه إن وُفِّق وفهم عنه الناس، أو لم يُوفَّق ولم يفهم عنه الناس (فجعل عدم توفُّقه عائدا إلى الناس لا إليه)، فإنه ما جاء الآن إلا للتوضيح. يستهين الفقيه المغربي بعقول سامعيه، وكأنه يخاطب الدواب!... عن أي توضيح تتكلم يا هذا؟!... ثم، وأنتم المنتقدون للحكام على الدوام، لمَ نجدكم متجبرين أكثر منهم!... أيعسُر عليك أن تتراجع عما بدر منك بصورة تُنبئ عن سلامة صدرك ورجاحة عقلك، بدل أن تطالب غيرك بحسن الظن؟!... أكنتَ تقبل من حاكم عربي مطالبته لشعبه بحسن الظن في مسألة تراها أنت سياسية ينبغي أن تخضع لمعايير صارمة؟!... فأين هي المعايير العلمية عندك؟ وما قيمتها لديك؟!... 10. عند قول الريسوني: "ما زلت على قيد الحياة"، فهل يقصد أنه معصوم تثبت عصمته بثبوت حياته وحدها؟... وكأنه لا يحتاج إلى التدليل على كلامه، ولا إلى تفسيره، ويكفي أن يكون حيا ونراه بعد كل هذه الضجّة، لنعلم أنه على حق؛ وأننا نحن من لا نفهم الكلام العربي، بعد أن صرنا أعاجم القلوب والألسن!... ما هذا الجنون يا ريسوني!... فأنت بهذا تؤكد كلامنا عن الفقهاء، وبأنه يجب عليهم السكوت في زمان ما عادوا يعرفون منه موردا ولا مصدرا. كيف ستواجهون السياسات الغربية، وأنتم على هذا التخلف؟!... أم كيف ستواجهون مكر الصهاينة وأنتم معوقون ذهنيا؟!... أنتم بهذا جديرون بأن تُؤخذوا إلى المصحات العقلية والنفسية، حتى لا يستمر إضراركم بالأمة وبشعوبها!... 11. أما تأكيد الريسوني على المذاهب الفقهية والعقدية للدلالة على وحدة الشعوب المغاربية، فإنه لا يدل إلا على تخلفه، وعلى عدم فقهه بالمعنى اللغوي. وهذا لأن المذاهب كانت سببا في تفرق الأمة وتمزقها، حينا من الدهر؛ فكيف تكون سببا لوحدتها بعدُ؟!... نحن نعلم أنك لست مُدركا للمنطق بصورة واضحة، حتى تهتدي به في فقهك، ونعلم أن تقليدك لمن سبق من الفقهاء قد حجبك عن النظر السليم؛ ولكننا لا نجد سببا معتبرا يجعلنا نفوّت لك هذه الجهالات... فإن كنت لا تعلم، فإننا مقبلون على الخلافة الخاتمة، التي ستوحد الأمة برغم أنفك وأنوف نظرائك من كل المذاهب والفرق. وإذا لم تكن ممن يستعدون للخلافة، بتصحيح العلم والعمل، فاعلم أن سكوتك خير من كلامك!... وليتك عملت بقول النبي صلى الله عليه وآله وسلم: «مَنْ كَانَ يُؤْمِنُ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الآخِرِ، فَلْيَقُلْ خَيْرًا أَوْ لِيَصْمُتْ!...» [متفق عليه عن أبي هريرة]. فهل تتمكن من الصمت الآن، أنت ومن كانوا على شاكلتك من مجانين الفقهاء؟!... 12. وسنختم بمغالطة كبرى للريسوني وللإسلاميين من قبله، وهي اتخاذ عداوة إسرائيل محورا للدين، كما اتخذوا عداوة الحكام. وهذا تحريف عظيم لأصول الدين، سنبرز أهم معالمه فيما يتعلق بإسرائيل حصرا: ا. إن الدين لا ينبني في أصله على عداوة أحد، وإنما ينبني على تصحيح معاملة العبد لربه. يقول الله تعالى: {وَمَا خَلَقْتُ الْجِنَّ وَالْإِنْسَ إِلَّا لِيَعْبُدُونِ} [الذاريات: 56]؛ وما قال سبحانه ليتخذ بعضهم بعضا أعداء، والعبادة تكون على قدر العلم بالمعبود. فهل يعلم علماء الدين ربهم، أم هم منحجبون بعلم الأحكام عنه؟!... أما قول الله تعالى: {وَقُلْنَا اهْبِطُوا بَعْضُكُمْ لِبَعْضٍ عَدُوٌّ وَلَكُمْ فِي الْأَرْضِ مُسْتَقَرٌّ وَمَتَاعٌ إِلَى حِينٍ} [البقرة: 36]، فهو من التقابل الاسمي، ومن المعاملات الشرعية، وليس مما تتأسس عليه المعارف الإلهية بالأصالة. ونعني من هذا أن مستوى العداوة، هو أدنى من مستوى التوحيد بالمعنى الخاص. ويقول سبحانه آمرا لنبيه، ومِن بعده للعلماء بالمعنى القرآني: {فَاعْلَمْ أَنَّهُ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ وَاسْتَغْفِرْ لِذَنْبِكَ وَلِلْمُؤْمِنِينَ وَالْمُؤْمِنَاتِ} [محمد: 19]. فهل علم علماء الدين عندنا علم لا إله إلا الله؟ أم هم على علمٍ غيره، نحن لا نعده علما على كل حال... ب. إن الشيطان أعظم من إسرائيل في عداوته للمسلمين، والله يقول عنه: {إِنَّ الشَّيْطَانَ لَكُمْ عَدُوٌّ فَاتَّخِذُوهُ عَدُوًّا} [فاطر: 6]. ومع ذلك، فقد قال العلماء من أهل التحقق: معنى الآية، ليس هو الاشتغال بعداوة الشيطان، كما يدل على ذلك ظاهرها؛ وإنما هو الاشتغال بالله، إلى حد إهمال الشيطان. وذلك لأن الاشتغال بعداوة، يُفوّت معاملة الرحمن!... فإن كانت عداوة الشيطان ليست محورا للدين، إلا بالتبع، ومن باب الشريعة وحدها؛ فكيف يجعل أهل التدليس من الإسلاميين عداوة إسرائيل محورا؟!... فإن قالوا إن الله يقول: {لَتَجِدَنَّ أَشَدَّ النَّاسِ عَدَاوَةً لِلَّذِينَ آمَنُوا الْيَهُودَ وَالَّذِينَ أَشْرَكُوا وَلَتَجِدَنَّ أَقْرَبَهُمْ مَوَدَّةً لِلَّذِينَ آمَنُوا الَّذِينَ قَالُوا إِنَّا نَصَارَى} [المائدة: 82]، فإننا نجيب بأن العداوة المذكورة هي مِن قِبلهم، لا مِن قِبلنا. فنحن لا نعادي يهودا ولا نصارى ولا غيرهم!... فإن قيل: فما الكلام في آيات القتال؟ قلنا: هي تدخل في باب الدفع عن النفس، بالإذن الإلهي؛ لا بالرغبة النفسية... ونحن على يقين، من أن القائلين بهذا القول من المعاداة البدعية، لا يقولون به، إلا ليصرفوا النظر عن انحرافاتهم العظيمة في الدين؛ والتي يستغفلون بها العامة، حتى ما عاد هؤلاء يعرفون من الدين إلا عداوة إسرائيل؛ مع بدوّ فسوق كثير منهم وعصيانه. وحتى عداوة إسرائيل، التي يتشدقون بها، فإننا لن نجدها عندهم إلا كلاما، يبتزون به من هو قابل للابتزاز فحسب؛ وإلا فليرنا الإسلاميون كيف عادوا إسرائيل؟ ماضيا وحاضرا!... وإن كانت منظمة "حماس" التي دعونا إلى حلها، تغامر بالمستضعفين من الفلسطينيين، وتساوم إسرائيل خفية على ما تراه مصالح لها، فكيف هو حال غيرها؟!... إن استغفال المسلمين بهذه الشعارات الفارغة، قد أضر بهم أكثر من إضرار إسرائيل نفسها. فمتى سيُفيق المسلمون لحقيقة ما هم عليه؟ ومتى يتخلصون من المتاجرين بهم من الإسلاميين قبل غيرهم؟!... ج. إن إرهاب الإسلاميين للشعوب المسلمة بما يشترطونه في التديُّن من عداوة إسرائيل واليهود عموما، حتى بلغ الأمر بالعامة أن يتبنّوا هذا الطرح الإرهابي، وأن يصير بعضهم لبعض مرهبا، بسبب العادة والتقليد الأعمى، وطلب المعافاة من شرورهم وشرور المجتمع المنافق، لا يصح البتة!... وهذا مما ينبغي التخلص منه، إن كنا نريد أن نعيش الإسلام كما هو، بعيدا عن السوء المتراكم عبر القرون والعقود؛ وإن كنا نبتغي بلوغ معاملة الله على الإخلاص كما نحن مأمورون؛ من غير نظر إلى قريب أو بعيد... د. إن ما نتكلم عنه من علم بالله، ومن علم خاص بمعاداة الشيطان، نحن من أهله، ومن أهل الخبرة، بحمد الله؛ ولسنا ممن يتكلمون فيما لا يُحسنون، كسِوانا!... ولو كان الإسلاميون على بعض خير في أنفسهم، لأتونا يلتمسون ما لدينا. أمّا وهم يصمون آذانهم عن خطابنا، ويتمادون في إضلال الناس والمتاجرة بهم محليا وعالميا، فإننا نَشهد بين يدي الله ونُشهد المسلمين كافة، على أنهم مِن شر مَن تحت أديم السماء. وهم أخطر على الأمة من إسرائيل التي يتخفّون خلف معاداتها بالزعم!... وكلامنا هذا -بحمد الله- لا نخدم به أحدا من الناس، ولا واحدة من الدول أو الجهات النافذة؛ ولكن نبغي به رفع الغشاوة عن أعين المسلمين، وكف الأذى عنهم. فإنهم في النهاية هم من يؤدون الأثمان من أنفسهم وأموالهم وأمنهم وأوطانهم!... فإلى متى تستمر هذه المخادعة الكبرى؟!... ليتركْنا الإسلاميون نعبد ربنا كما أمرنا، وليتنحوا من طريقنا، فإنهم قد صاروا من أكبر أعوان الشيطان في زماننا!... |