انتهاء الاعتصام بعد
1255
يــــــوم
بسم الله الرحمن الرحيم. يُنهي شيخ الطريقة العمرية عبد الغني العمري الحسني، إلى علم الرأي العام، ومن بعده إلى علم أتباع الطريقة العمرية في أنحاء العالم، أنه: 1. قد عزم على إيقاف اعتصامه مع عائلته داخل بيته نهاية يوم الثلاثاء 15-5-2018م، بمناسبة حلول شهر رمضان الكريم لعام 1439ه. وللإشارة، فإن هذا الاعتصام قد بدأ يوم الاثنين 8-12-2014م، واستمر طيلة 1255 يوم. 2. سيغادر مدينة جرادة التي كانت محل اضطهاده وعائلته من طرف السلطات المحلية والأجهزة الأمنية، مع توظيف الأوباش والسفهاء من أهل المدينة في هذا العمل الشنيع. وسيكون مقر الشيخ المقبل إن شاء الله بمدينة سلا، مرفوقا بجميع أفراد عائلته. حرر بجرادة ليلة الأربعاء: 16-5-2018م. شيخ الطريقة العمرية: عبد الغني العمري الحسني
Translated
Sheikh's Books |
2012/03/19
إنهاض المريد بشرح قصيدة يا من تريد
يا من تريد تدري فني فاسأل عني الألوهيا هذه القصيدة - كغيرها من قصائد سيدي ابن عليوة - مكتوبة بلغة عامية قريبة من الفصحى، لذلك لا يتقيد الشيخ فيها بقواعد اللغة كما هي معروفة؛ ونحن هنا يهمنا المعنى. يخاطب الشيخ في أول بيت المقبلَ على الطريق، إذا كان يريد أن يأخذ عنه علمه الخاص المعبر عنه بالفن. والفن في اللغة هو الصنف من الأشياء، وهو هنا صنف العلم كما مر. ينبهه حتى يسأل عنه الله ليطلعه على خصوصيته؛ وذلك ليتمكن المريد من تقديمه على نفسه واتخاذه إماماً؛ وإلا فإنه من غير معرفة خصوصية الشيخ، لن يتمكن من ذلك أبدا. أما البشر لا يعرفني أحوالي عنه غيبيا ويوصي المريد أن لا يسأل عنه الناس، لأن الناس يجهلون أحوال أهل الله، من كونها فوق مرتبتهم وإن كانوا من صالحي المؤمنين أو من فقهاء الشريعة؛ فهي غيبية بالنسبة إليهم، وكيف يخبر المرء عن الغيب؟! أما إذا سألهم الطالب عن الشيخ، فسيجد أغلبهم متهمين له في الدين ناعتين إياه بالفسق والبدعة. وإذا هو صدقهم في أقوالهم، فسيحرم من الاستمداد من الشيخ بلا ريب. وهذا وقع لكثيرين دون أن يتنبهوا إلى موضع الزلل. اطلبني عند التداني من وراء العبوديا ينصح الشيخ الطالب بالبحث عن حقيقته الحقية ( حقيقة الشيخ ) التي هي خلف الصورة العدمية المنوط بها أحكام العبودية. أما إذا بقي مع عبودية الشيخ فلن يفتح له باب التخصيص أبدا ما دام على هذه الحال. وإذا أراد الله بالمريد خيرا فإنه يغيبه عن عبودية الشيخ حتى لا يرى فيه إلا وجه الحق المقابل له. وبهذا وحده يمكن له السير في الطريق، ومنافسة السالكين في تحصيل ما يعمر به باطنه من أنوار المواجهة لا من أنوار التحقيق. نقول هذا لأن المريدين يخلطون بين السلوك الأول والسلوك الثاني في الأحكام، ويظنونه – إذا سمعوا به – سلوكاً واحداً؛ والأمر غير ما يظنون. أما الظروف والأكوان ليس لي فيها بقيا يعرّف الشيخ بمرتبته هنا، حتى لا يُخلط بينها وبين غيرها من المراتب. فينبه إلى كونه قد خرج عن حكم الظروف التي هي الزمان والمكان والمقام. فالزمان يقيد الناس من حيث ترتيب صورهم المتعينة في العلم الإلهي، والمكان مقيد لهم من حيث الصورة التي هي مجموع الصفات والأحوال، ومن حيث كونهم بين سماء وأرض، والمقام حاصر لهم من حيث المكانة الإدراكية. هذه الظروف مقيدة لكل من عدا المتحقق، ولا يتمكن الناس حتى من فهم معنى إمكان الخروج عن تحكمها. فكيف سيعرفون حقيقة من تحقق له ذلك الخروج ذوقاً؟! هذا لا يكون أبداً!. والشيخ يريد أن يخبر عن إطلاقه الذي لا يمكن للمريد أو لغيره من الناس أن يدركه بنفسه؛ وإنما السبيل إليه ما سيدل عليه من تعرض وآداب. إني مظهر رباني والحال يشهد عليا يقصد الشيخ بقوله: "إني مظهر رباني"، أنه متحقق بكونه وجهاً إلهياً ذوقاً؛ لذلك يجب أن يُفرقَ بينه في المعاملة وبين من ليس من هذه المرتبة. وما يساعد الناظر إليه في هذا التفريق هو حال الشيخ؛ لأن حال الربانيين لا يكون أبداً مثل حال الغافل، وذلك لأن الرباني يكون بالله ولله ومع الله في جميع أحواله، وراثةً نبويةً. أما الأحوال العادية التي يشبه فيها الرباني غيره من حيث الظاهر، فليعلم المريد أنها من حيث الباطن على غير ما يفهم؛ لذلك فلا يجب أن يقيس أحوال الشيخ العادية على نفسه، كأن يقيس انبساطه في القول أو الممازحة أو الغضب أو العطاء والمنع ... على ما يجد من ذلك في نفسه؛ فإن للشيخ أسرارا في كل أحواله وأقواله، لا يمكن أن يحيط بها المريد أبداً. أنا فياض الرحمان ظهرت في البشريا يقصد بـ"فيّاض": الفيض، ويعني به التجلي. فالشيخ هنا تجلّ من تجليات الرحمن. والرحمن اسم جامع لمعاني الأسماء كلها كالاسم الله. فهو خليفة ٌ للاسم المفرد؛ لذلك جاء في القرآن الكريم، قوله تعالى: { قُلِ ادْعُوا اللَّهَ أَوِ ادْعُوا الرَّحْمَنَ أَيًّا مَا تَدْعُوا فَلَهُ الْأَسْمَاءُ الْحُسْنَى } الإسراء [110]. فجاء بـ " أو " التي تفيد التسوية. والشيخ من كونه وجهاً رحمانياً فهو وجهٌ إلهي عام، تستدعي هذه المرتبة من المريد أن يعامله بباطنه معاملة الله. أما قوله " ظهرت في البشرية "، فلا يمكن أن يُفهم منه الحلول كما يتبادر إلى العقول المقلدة، لأن الوجود الحقي والخلقي واحدٌ، وإنما وقع التفريق في الحكم الذي أصله النِّسب. والنِّسب أحكامٌ عدمية معقولة؛ لذلك لا يمكن أن يقال بالحلول هنا. ودلالته على البشرية بعد ذكر خصوصيته رضي الله عنه، حتى لا يعاملها الناظر معاملة البشرية من غيره؛ لأنها قد اكتسبت الخصوصية من باطنه. فلا سبيل إلى مجاوزة بشرية الشيخ من هذا الوجه، وإن كان قد حذّر من الوقوف مع عبوديتها فيما قبل. ولا يخفى الفرق بين العبودية التي هي مجموعة أحكامٌ، وبين البشرية التي هي صورة ظاهرة وصفات. والأصل مني روحاني كنت قبل العبوديا يقصد بالأصل الروحاني هنا، الروحَ الإلهي المنفوخ، الذي قال عنه الله تعالى: { فَإِذَا سَوَّيْتُهُ وَنَفَخْتُ فِيهِ مِنْ رُوحِي } الحجر[29]. الروح هنا مطلقٌ قديم، ومن هذه المرتبة يحصل التحقق للشيخ. فالتحقق ليس إلا عودةً إلى الأصل الذي هو الحق. يقول الشيخ هذا حتى لا يُنظر إلى قوله بعين الريبة والشك، كما يحدث ممن يرميه بالبدعة. فكيف يكون المرء مبتدعاً وهو ما رجع إلا إلى أصله. ويذكر أن هذه المرتبة كانت في بطون الذات قبل أن يظهر ببشريته الموصوفة بالعبودية. يريد أن ينبه إلى كون العبودية فرعاً عن الربوبية، والفرع لا ينبغي أن يحجب أصله. ثم عدت لأوطاني كما كنت في حريا يقصد الشيخ أنه عاد إلى حكم الإطلاق وإن كان يظهر في صورة التقييد بالصورة وأحكام العبودية، فهذا لا يتعارض مع ذاك. والمسألة تعود إلى الأحكام لا إلى الذات، هذا حتى يسهل الفهم عمن يأخذ الألفاظ بمدلولاتها العادية. وله إشارة رضي الله عنه في كلمة " أوطاني "، يريد منها أن ينبه إلى أن الصور الكونية ظهرت في الحق. فيكون الحق من هذا الوجه للمخلوقات كالوطن للشخص. وكل من كان محجوباً عن الحق بنفسه أو بغيره فهو متغربٌ عن وطنه. لا تحسب أنك تراني بأوصاف البشريا ينبه الشيخ هنا إلى الانحجاب بالبشرية من جهتين: الجهة الأولى هي بشرية الشيخ، والجهة الثانية هي بشرية المريد. فهو يقصد أن المريد لا يمكن أن يعرف الشيخ حقيقةً بمجرد الإحاطة به من حيث الحس؛ لأن العين منه لن ترى إلا صورة الشيخ والأذن لن تسمع إلا صوت الشيخ واليد لن تلمس إلا جسم الشيخ وهكذا .... وإذا اعتد بهذه المعرفة فهي بالنظر إلى حقيقة الشيخ جهلٌ محض؛ وذلك لأن كل ما ذُكر من الصفات الحسية أصله عدمي. فإذا اعتد الناظر بهذه المعرفة فإنما هو يعتد بمعرفة العدم وما حصّل من الوجود شيئاً. أما انحجاب المريد ببشرية نفسه، فهو لأن عدمه لا يمكن أن يعرف وجود الشيخ؛ بل سيتعرف عليه في أثناء الطريق كلما حصل من صفات الروحانية شيئاً، لأن الحق لا يُعرف إلا بالحق. فالحق من المريد هو الذي يعرف الحق من الشيخ، وإلا فلا يمكن أن تحدث المعرفة بتاتاً. فمن خلفها معاني لوازم الروحانيا يقصد من خلف البشرية، معان هي الصفات الروحانية. والمقصود عنده من الصفات الروحانية، الصفات الإلهية التي تجلى الله بها على عباده فنال كل واحد منهم حظه منها. فالغنى مثلاً الذي يظهر على العباد هو بعض الغنى الذي يتصف به الله، والقدرة هكذا، والعلم، وجميع الصفات. يريد أن ينبه المريد إلى كون صفات الشيخ هي صفات الله، وبها يربي المريدين. فالشيخ من غير علم ومن غير قدرة ومن غير إرادة، وما سوى ذلك من الصفات كيف يمكن أن يُحيط بأحوال مريديه على اختلافها، أو يُمدهم بما يقوّم اعوجاجهم، أو أن يعدّل استعداداهم بهمته التي هي الإرادة نفسها؟ فلو رأيت مكاني في الحضرة الأقدسيا يقصد الشيخ بالمكان هنا المكانة، وإلا فإن العارف لا يتقيد بمكان. ويدل على هذا المعنى إضافته للمكان إلى الحضرة الأقدسية. والمقصود بالحضرة الأقدسية، مرتبة الأحدية التي هي منزهةٌ عن ذكر الخلق فيها. والقداسة لغةً: هي الطهارة، فيكون المعنى أن هذه المرتبة مطهرةٌ من شائبة الغيرية. يريد بذكره للأحدية هنا أن يؤصل لما سيذكره فيما بعدُ من مقتضيات الواحدية، التي يعود الخلق بموجبها إلى الحق. تراني ثَم تراني واحدا بلا غيريا يقصد بــ " ثمَّ " حضرة الحق. فالمريد إذا سار في الطريق، ودخل دائرة التوحيد الخاص فإنه سيعرف الحق في المراتب المعلومة بحسب ما يعيطه استعداده. والمراتب التوحيدية ثلاثٌ: أفعال وصفات وذات. والمريد يرى الشيخ إذا دخل دائرة من دوائر التوحيد عين الحق؛ فإن كان نظره من مرتبة الأفعال، فإنه يرى الأفعال كلها من الشيخ؛ وإن كان نظره من مرتبة الصفات، فإنه يراها كلها راجعةً إليه. وأما مرتبة الذات فلا يصح أن يعلمها المريد إلا إذا رأى وجوده عين وجود الشيخ، فيكون علمه بالذات من علم الشيخ بها، لا من علم نفسه. لكن الحق كساني لا يصل بصرك إليا يشير الشيخ في هذا البيت إلى تحققه بالحق، والحق لا يتعدد. لكن الحق لم يرد أن يظهر للعموم في الحياة الدنيا، فحجب أغلب المكلفين عنه بحجب وهمية تراها أبصارهم من غير أن يكون لها وجود. لذلك خاطب المريد فقال: "لا يصلْ بصْرَكْ" . يعني أن المريد لا يمكن أن يرى حقيقة الشيخ المكسوة بالحجب الوهمية وبصره منسوب إلى نفسه. وإنما يعرف المريد الشيخ إذا صار بصره بصر الحق. تراني ولا تراني لأنك غافل عليا يعني بقوله: "تراني ولا تراني"، أنك تراني من حيث حسك وظاهري، لا من حيث معناك وباطني؛ لأن الإثبات والنفي إذا اجتمعا في الكلام فهما يدلان على اختلاف الوجه في المتكلَم فيه. وسبب عدم رؤية المريد لحقيقة الشيخ التي بها امتاز عن غيره هي غفلة المريد؛ لأن المريد لا ينتفع من الشيخ حتى يخرج في نظره عن مشترك الصفات التي تجمع بينه وبين سواه من الناس. والغفلة هي شهود الصفات المشتركة دون شهود ما يمتاز به الشيخ عن غيره. فوجب طلب معرفة الامتياز حتى يتحقق النفع. حدد بصر الإيمان وانظر نظرة صافيا يأمر المريد بأن ينظر إليه من إيمانه بعد أن يشتغل على تحديد بصره، حتى تكون الرؤية واضحة. ولقد اختص الإيمان بالذكر لأنه تصديقٌ بالغيب، والشيخ بالنسبة إلى المريد من الغيب. من هنا وجب عليه أن يكون منفتحاً على المجهول ولا يقيد الشيخ بما يعلم من المعقول والمنقول. ويقصد بقوله " وانظر نظرة صفيا " يعني صافية؛ وهي أن يكون مقصوده من النظر إلى الشيخ معرفة الحق. ولا يتحقق هذا الصفاء في النظرة حتى يتخلى المريد عن جميع أغراض نفسه العاجلة والآجلة، الدنيوية والأخروية. وما دام المريد متعلقاً بشيء من هذه الأغراض والحظوظ، فلا يطمع في معرفة حقيقة الشيخ أبدا. فإن كنت ذا إيقان عساك تعثر عليا المعنى، أنك أيها المريد إن بلغ إيمانك درجة اليقين، بحيث لا يتحرك باختلاف الأحوال عليه ولا يزيد ولا ينقص بحسب تحقق الأغراض لديه؛ وصار راسخاً ثابتاً لا يتزعزع، فعساك بعد هذا أن تعرفني. وجاء بعسى هنا التي تفيد الترجي ليُعلم المريد أن المعرفة لا تحصل هجوماً، وإنما بعد إذن من الله بها. وذلك بسبب العزة التي يتصف بها الحق. تجد أسرارا تغشاني وأنوارا نبويا يقصد رضي الله عنه بالأسرار تجليات باطن الذات، التي هي في الأصل كانت قد ظهرت في صورة الحقيقة المحمدية. ولكل وارث حظٌ من هذه الأسرار على قدره. والمراد بتجليات باطن الذات، هو ما ظهر على صورة الحقيقة المحمدية، فباطن الذات هو ظاهر الصورة. وعلى هذا فإن الشيخ يكون بالنسبة إلى مريديه تجليات حقية، يعلمها من يعلمها ويجهلها من يجهلها. تجد عيونا ترعاني وأملاكا سماويا الظاهر من كلام الشيخ رضي الله عنه من الأبيات السابقة ومن هذه البيت أنه كان خليفة زمانه؛ بمعنى أنه كان وجهاً محمدياً في زمانه. والمقصود بالعيون هنا الأعيان الثبوتية التي هي صور الأكوان، والمقصود برعايتها إياه نظرها إليه بحقائقها، لأنها جميعها مستمدة منه. وأما رعاية الأملاك السماوية له، والتي هي الأرواح العلوية، فيقصد منها الوقوف على خدمته، لأن خليفة الزمان أو صاحب الوقت كما يقال، تكون جميع الأملاك تحت سلطانه وهيمنته. تجد الحق حباني مني ظهر بما فيا يعني أن الحق اصطفاه واختاره ليكون خليفة له ويبين أن كل ما يظهر منه هو ظهورات للحق لا له. وأغلب الناس لا يعرفون هذه المرتبة ولا يتصورن ما يمكن أن يتصل بها من أحكام؛ لأن المرء الذي يكون مقيداً بمقامه لا ينظر إلى الأمور إلا من خلاله، ولا يتمكن من تصور ما فوق طوره. وأما الحقيقة التي يدل عليها الشيخ فتفيد أنه لم يبق منه شيء من عدمه الأصلي، وكل ما يظهر منه بصرف النظر عن كونه مقبولاً في الأعراف أو مرفوضاً، أو موافقاً أو مخالفاً، فهو تجليات حقية تدل على أسرار ذاتية هي المسماة آياتٍ في الشرع. وكل معترض على من هذه مرتبته، فإنما هو معترض على الحق سواء أعلم ذلك أم لم يعلمه. وحديث: « من عادى لي ولياً فقد آذنته بالحرب » [ أخرجه البخاري في صحيحه عن أبي هريرة رضي الله عنه ] يؤكد هذا المعنى ويدل عليه؛ لأنه لو لم يكن الحق هو الظاهر من الولي فكيف يكون محارباً عنه. وما يحارب الحقُ معادي الولي إلا عن نفسه سبحانه. تراه لما تراني ولم تشعر بالقضيا يعني بقوله: "تراه لمَّا تراني"، انتفاء ظلمته على التمام رضي الله عنه. وبانتفاء ظلمته الأصلية تتغير عليه الأحكام؛ فبعد أن كانت تصدق عليه الأحكام العدمية، صار مناطاً لأحكام الوجود. وهذا هو ما يجعل الرائي للشيخ رائياً للحق، وقد تكلمنا فيما سبق بإيجاز عن كون هذا المعنى مخالفاً لما تذهب إليه العقول القاصرة من قول بالاتحاد أو الحلول. هذا، مع علمنا أن القارئ الذي لا خبرة له بمعاني الحقائق، لا يمكن أن يتصور ما يدل عليه كلام الشيخ وشرحنا له؛ لكننا بإثبات هذا نريد أن نحفز الهمم الضعيفة على طلب المعالي، كما نريد أن يكف القاصرون عن الإنكار على أهل الله من غير سند علمي معتبر. وقوله " ولم تشعر بالقضية "، يخاطب به المحجوب عن مشاهدة الحق فيه. هذا يعني أن العباد كلهم مشاهدون للحق، وإنما الاختلاف في علم وجهل ذلك؛ لذلك قال الله تعالى : { قُلْ هَلْ يَسْتَوِي الَّذِينَ يَعْلَمُونَ وَالَّذِينَ لَا يَعْلَمُونَ } الزمر [9] ومناط العلم في الآية هو الحق تعالى، إذ لا معلوم سواه سبحانه على التحقيق. وكل ما يتوهمه المحجوبون من علوم كونية أو شرعية من وراء حجاب، فهي عائدة إلى الحق ولكنهم لا يعلمون وجه عودتها إليه سبحانه. أما من جهتهم، ونعني بذلك صورهم العدمية، فكل ما يعلمون مما سوى الحق فهو عدم محض. وأما إذا تساءلت كيف يتعلق العلم بالمعدوم، فاعلم أن العلم يتعلق بالمعدوم والموجود معاً. والكلام في هذا يخرج بنا عن هذا السياق. هدى لي ربي هداني أعطاني نظرة صافيا قوله: "هدى لي"، يعني هدى إلي. والمقصود أن الشيخ لا يُعرف إلا بإذن من الله. فمن شاء الله له المعرفة فإنه سيُهدى إلى سبيلها بما يُعلم من الأسباب أو بما لا يُعلم من الغيب. وأما قوله: "هداني"، فلا يعني به هداية المريدين السالكين الطالبين للحق لأن مرتبته مرتبة واصل. والذي يليق بالواصل من الهداية هو إعطاء المراتب حقها من وجوده، وإبقاؤه لأحكام ظاهره، وموافقته للحكمة. هذه هي الهداية التي تليق بمرتبة الشيخ، وكل من لم يحافظ على ما ذكرناه من العارفين، فإنه يكون ضالاً في الحق. ومعنى قوله رضي الله عنه: " أعطاني نظرة صفية " أي صافية، يعني به أنه فاز من الحق بمعرفة جميع المراتب، وإلحاقها بالحق وإن كانت مما يُنسب في العادة إلى الخلق. وهذا لا يكون إلا لمن كان له نصيبٌ من علم باطن الذات وراثة نبوية. وعلوم هذه المرتبة مجهولةٌ إلا لكبار الأولياء رضي الله عن جميعهم ونفعنا بهم. عرفني نفسي مني وما هي الروحانيا معرفة النفس لها مرتبتان: مرتبةٌ تليق بالمريدين السالكين ومرتبةٌ تليق بالشيخ. فأما معرفة النفس من المريد فهي تتحقق بالخروج من ظلمة العدم الملاصقة لها إلى نور الوجود. وأما معرفة الشيخ بنفسه فهي معرفة الحق بنفسه عينها. والمعرفة التي نريدها هنا، هي معرفة تقيده في إطلاقه، لا معرفة الإطلاق الأصلية اللائقة بالحق سبحانه. وإلى هذا المعنى الإشارة بقول سيدنا عيسى عليه السلام: { تَعْلَمُ مَا فِي نَفْسِي وَلَا أَعْلَمُ مَا فِي نَفْسِكَ } المائدة [116]. ومعنى تعلم ما في نفسي هنا، هو نفسه ما عنيناه بمعرفة الشيخ نفسَه. ونعني به معرفة تقييده في إطلاقه. وأما معنى ولا أعلم ما في نفسك، فهو ما أشرنا إليه بمعرفة الحق الأصلية بنفسه سبحانه. وأما قول الشيخ " وما هي الروحانية "، فإنه يقصد التجلي الذاتي الذي ظهرت به الأكوان قائمة بالحق؛ لأن هذا التجلي نفسه هو أصل صورة قيام الأبدان بأرواحها. فهو يتكلم عن تجلي القيومية. ولا يتصور أن يقوم الحق بسواه سبحانه، كما تذهب إلى ذلك العقول المحجوبة؛ لأن الصور القائمة بالحق هي صور عدمية لا وجود لها معه سبحانه. ومَثَل ذلك، أن تأخذ حجراً وتصنع منه صورة إنسان؛ فإن الناظر إلى الحجر المنحوت إن سألته عما يرى، فإنه يجيبك بأحد جوابين: فإما أن يقول لك أرى إنساناً، خصوصاً إن كان التمثال لشخص معلوم؛ أو يقول لك أرى حجراً. وكلا الجوابين صحيح فهل الصورة غير الحجرية في التمثال؟! فكذلك الخلق مع الحق هم صورٌ عدمية تُدرك ولا وجود لها، وإنما الوجود لله وحده. فإن رمت تدري فني فاصحبني واصغ إليا يخص الشيخ بالخطاب المريد الطالبَ لنيل هذا العلم الخاص، الذي هو علم التصوف، ويشترط عليه حتى يتحقق له ذلك، أن يصحبه ويصغي إليه. ويقصد بالصحبة الملازمةَ. والملازمةُ لا تتحقق للمريد إلا أذا كان شيخه من أهل الدنيا معاصراً له في زمنه. نقول هذا حتى نُخرج الأشياخ الموجودين في البرزخ بهذا الشرط. والملازمة لا يُقصد منها أن يعاشر كل مريد شيخه ليله ونهاره، وإنما تتحقق بلقاء واحدٍ فما فوق. يشبه الأمر هنا مسألة الصحبةَ لرسول الله صلى الله عليه وآله وسلم مِن قِبَل مَن عاصره من الناس؛ فإنها تتحقق بلقاء مرة فأكثر. ولا شك أنه كلما كثرت اللقاءات بالبدن يكون الأمر أفضلَ بالنسبة إلى الصاحب. أما حقيقة الملازمة فلا تتحقق إلا باتصال القلب بالمصحوب على سبيل الديمومة. فبهذه وحدِها تُعتبر الصحبة ويتحقق الاستمداد للمريد. وهنا يختلف الناس: فقد يكون المرء مكثراً من اللقاءات الحسية مقلاً من صحبة القلب، وقد يكون مقلا من اللقاءات الحسية مديماً لصلة القلب؛ فتختلف بذلك مراتب المريدين وأحوالهم. والصحبة المذكورة هنا يُقصد منها الصحبة التي ينتج عنها سلوك المريد لطريق الحق وترقيه فيها؛ أما اللقاء الذي يحصل بين الأرواح، فيلتقي فيه الشخص من أهل الدنيا شخصا من أهل البرزخ في المنام أو في المشاهدة ويحصل به علماً ينتفع به في سلوكه، فلا نعتبره صحبةً في الاصطلاح. أما الشرط الثاني الذي اشترطه الشيخ فهو الاصغاء إليه، ويقصد به أن يحصر المريد تلقيه فيه، فلا يتلفت يمنة ولا يسرة، ولا يقلد إماماً من المتقدمين أو من المعاصرين لشيخه، إلا إن أَذِنَ له في بعض ذلك. وقد يستشكل هذا على كثير من الناس، فيظنون أن الشيخ يظلم مريده بكفه عن التعلم من غيره. والحقيقة أن تحصيل العلم في الطريق تخالف تحصيل العلم عند العموم، وقياس طريق الخصوص على طريق العموم لا يصح. والعلم في الطريق يُؤخذ عن الله وحده لا عن كونٍ من الأكوان، هذا هو الفرق. ومقصودنا بالأخذ عن الله يشمل الأخذ عن الشيخ الرباني، لأنه وجه الحضرة بالنسبة إلى مريديه كما نبهنا إلى ذلك سابقاً. واسمع مني واحك عني لا ترفع نفسك عليا يقصد الشيخ بقوله: "واسمع مني" الفهم، لا مجرد السمع لأن روح السمع هو الفهم، فمن لا فهم له فلا سمع له في الحقيقة. وقد دل على هذا المعنى وصفُ الله تعالى لأهل الكفر في غير ما موضع من القرآن بالصُمِّ مع تحقق سلامة سمعهم الحسي. والفهم في كلام الشيخ لا يأخذه المريد من نفسه، كما يفعل ذلك مع سائر الناس؛ وإنما يرجع إلى الحق بالافتقار عند سماعه لكلام الشيخ حتى يُفهمه مراده فيه. وقد زل كثير من المنتسبين إلى الطريق بعد حفظ هذا الأصل، ودخل عليهم التأويل الفاسد والهوى المحرِّف، فكان ممن ضل عن علم. أما قوله " واحك عني "، فالمراد أن يكون الشيخ مرجع المريد في كل شؤونه، ليتحقق له الصدور عنه. ويتفرعُ عن هذا المعنى أن يصير المريد متكلماً بحاله ومقاله عن الشيخ ومخبراً عن خصوصيته؛ فإن الشيخ أكثر ما يُعرف بمريديه إذا ظهرت عليهم بوادر الفلاح وطلائع الإشراق. ونهيه رضي الله عنه مريده عن رفع نفسه عليه يقصد منه توافر أصلِ شروط الاستمداد، والذي هو التواضع للشيخ. وهذا المعنى يدل عليه الحس، فأنت إن أردت أن تُفرغ سائلاً من إناء في إناء آخر، فلا بد لك أن ترفع الإناء المليء على الفارغ، حتى يكون الفارغ في أسفل مرتبة؛ وإلا فلا يتمكن لك نقل السائل من الإناء الأول أبداً. فإذا كان هذا في الحس ظاهراً، فإنه في جانب المعنى أشد تأكيداً؛ لذلك إن لم يتواضع المريد للشيخ فإنه لن يستمد منه شيئاً. ومحل التواضع القلبُ، ونعني بهذا الإقرارَ من المريد في نفسه بنـزول مرتبته عن مرتبة الشيخ، وإن كان في الظاهر هو أعلى مكانة منه. كأن يكون أعلم من حيث الظاهر، أو أغنى، أو أكثر وجاهةً ... ومن هنا قيل: خطأ الشيخ إن أخطأ أفضل من صواب المريد إن أصاب. وقد غاب المعنى عن بعض العقول لحصر نظرهم في الخطأ والصواب؛ والحقيقةُ أن الفرق هو بين مرتبتين لا بين لفظين؛ فمرتبة الشيخ أعلى من مرتبة المريد وإن كان يظهر أنه على خطإ؛ هذا هو المقصود. وإذا غاب معنى التواضع عن المريد ولـم يستصحبه على الدوام، فإنه لن يتمكن من السلوك على الوجه الأكمل. لا تر في الكون دوني لا تعد بصرك عليا قوله: " لا ترى في الكون دوني"، يقصد به أن يجمع المريد قلبه على شيخه، حتى يكون كأنه ليس في الوجود إلا هو وشيخه. وبهذا يحصر معاملته في شيخه، ويرى ردَّ المعاملة منه. وقد يرى بعض العامة في هذا نوعاً من الشرك كما تُصرح بذلك في كل زمن طائفةٌ من الفقهاء وأتباعهم. والحق أن ما يتكلم فيه الفقهاء من توحيد هو توحيد عامٌ ليس من لوازم طريق الخصوص في شيء. أما التوحيد الذي يدرب الشيخ مريده عليه فإنه توحيدٌ خاص يتعلق بالمراتب الثلاث المعلومة، والتي هي: مرتبة الأفعال، ومرتبة الصفات، ومرتبة الذات. ولا يكون التوحيد هنا معتبراً حتى يكون عن شهود إما علمي وإما عيني، يشاهد به العبد الأفعال كلها لله، والصفات كلها راجعةً إليه سبحانه، والوجودَ لذاته من غير مشاركة. فإن خطر في ذهن القارئ: فلمَ يُلزم الشيخ مريديه بشهوده دون شهود الله؟ فالجواب يكون بما سبقت الإشارة إليه في الأبيات السابقة أن الحق هو حقيقة الشيخ، فلا فرق بين النسبتين إلا في نظر العقل فحسب، وأما في الحقيقة فإن التوحيد راجعٌ إلى الحق. والسبب في كون الشيخ يقصر نظر مريده عليه دون أن يوجهه إلى الحق مباشرة منطلقه تربوي لا تحقيقي؛ وذلك لأن التربية تقتضي التدرج بالمربى من طور إلى طور حتى يبلغ الكمال. أما لو دل الشيخ مريده على الحق دفعة واحدة فإنه لن يحصل شيئاً بسبب قصور استعداده عن معاملة الحق في إطلاقه؛ لأن هذا من مرتبة الواصلين وحدهم. كل هذا يتعلق بالتوحيد الخاص. والناس عندما يقيسون مقتضيات تربية الخواص على شؤون العوام بما يعطيه التوحيد العام فإنهم يخلطون في الأحكام والمراتب، فتفسد النتائج تبعاً لذلك. ولو أن الناظرين في أحوال أهل الله تفطنوا إلى اختلاف المراتب ومقتضيات التربية في كل منها لكُفيت الأمة بلاءً شديداً؛ لأن أغلب إنكار المنكرين على الخواص إنما يأتي بتحكيم معايير العامة عليهم. وهذا لا يصح عند سليم النظر. لا تحسب أنك في صون أمرك لا يخفى عليا يقصد من قوله: " لا تحسب أنك في صون"، تنبيه المريد إلى كون الشيخ محيطا به، حتى لا يعامله على ما تعطيه العادة، فيقع في سوء الأدب والجهل؛ لأن الشيخ الرباني مؤهلٌ لتربية المريدين من قبل الحق، والإحاطة بأحوالهم شرطٌ في هذه التربية. فإذا لم تتحقق هذه الإحاطة فكيف ستتحقق التربية إذاً؟! والإحاطة المشترطة في الشيخ تكون بالكشف الإلهي. وإن الله يُطلع الشيخ من أمر مريده على ما يلزم لتربيته، فالكشف هنا مقيدٌ بالغاية المرادة منه لا على الإطلاق؛ حتى يظن المريد أن الشيخ لا بد أن يحيط بجميع تفاصيل أمره، وإذا رأى منه جهله ببعض ذلك توهم أن الشيخ غير رباني. واستحضار المريد لمعنى إحاطة الشيخ به يُسهل عليه تحصيل مقام المراقبة الذي هو شرطٌ أساس في معاملة الحق. هكذا إن كنت مني صادقا في العبوديا يقصد أن الوفاء بالشروط السابقة دليلٌ على صدق العبودية من المريد. وذلك لأن مدعي العبودية كثرٌ، لكن القليل منهم من يصدق فيها. وصدق العبودية يستلزم أن يكون العبد لربه في كل أحواله، وأن يبذل في سبيله نفسه وما ملكت، من دون نظرٍ إلى عوض أو أجر؛ لأن العبد مملوك لسيده، فكيف ينتظر جزاء على عمله. وصدق العبودية المراد هنا هو المعنى الذي يليق بأهل البداية والوسط من المريدين، وليس حقيقة العبودية التي تكون للواصلين. وكما يقال البدايات تدل على النهايات، بمعنى أنه من تحققت له العبودية المساوية لمرتبته، فيُرجى أن يحصل عبودية النهاية بفضل الله ومنّه. وكل مريد لم يف بالشروط السابق ذكرها، مع كونه مدعياً لطلب الطريق، فإنه يكون كاذباً في دعواه. ولا تهمنا الأعذار التي سيتسلح بها من أجل إثبات دعواه، لأن الشوق إلى الحق إذا تحقق للعبد، يغلب كل عذر؛ حتى وإن كانت الذريعة مخالفةً للعادة والعرف. نريد أن نقول إن الشوق في هذا الباب مقدمٌ في الاعتبار على كل شيء غيره. لا تكتف باللسان أمره شيء فريا قوله: " لا تكتف باللسان "، ينبه المريد إلى ضرورة عدم تصديق نفسه في دعواها إرادة الحق من غير برهان يدل على صدقها فيها. وذلك لأن النفس سهلة الدعوى، تدعي كل ما بلغ إلى علمها من فضائل؛ تريد بذلك نيل المكانة والمحمدة عند الناس، وتنسى أن واهب الدرجات يعلم حقيقة دعواها. ولكل مرتبة أو درجة أو مقام أو حال في الطريق برهان يدل على صدقه. هذا يتطلب من المريد علماً خاصاً بالسلوك يطابق بينه وبين ما يجد من نفسه ليتحقق من أمره؛ وإلا فإنه سيصدق نفسه في كل ما تدعيه ويكون مآله الخيبة والخسران. وقد أغفل كثير من المنتسبين هذا الأصل، وظنوا أن علوم الطريق تحصل بالسماع والاطلاع، وقاسوها على غيرها من العلوم، فكان سلوكهم بذلك سلوكاً خيالياً وهمياً لا ذوق فيه البتة. وهذا الصنف من المريدين المكتفين باللسان يخرج منهم منافقو الطريق، فيكونون حجاباً على أهل الحق فيه إذا كان الناظر إليهم لا يميز بينهم وبين الصادقين. والمعتمد عند أهل الطريق الذوق وحده، فمن لا ذوق له في شيء فلا يُعد من أهله عندهم. أما ما ينصح الشيوخ مريديهم به من مطالعةٍ في كتب القوم، فالمقصود منه في البداية خصوصاً ليس هو التعلم بالمعنى الحقيقي وإنما هو التهيؤ لأخذ تلك العلوم إن عرضت له أثناء سيره ووجدها ذوقاً؛ حتى لا تحصل له الوحشة أو يشك في أصلها أو يظنها من حديث النفس أو من وسوسة الشيطان. هذا هو المقصود فحسب. أما المستشرفون فإن كانت مطالعتهم لكتب أهل الله بإذن من الشيخ فقد يحصلون بها علماً يترقون به إلى مرتبة الذوق. وكما هو الشأن في كل باب من أبواب العلم، فإن الأمر دائماً يحتاج إلى تفصيل يعلمه أهل هذا الفن. وامدد نفسك للسنان ومت موتة كليا يريد بقوله: "وامدد نفسك للسنان"، تنبيه المريد للتهيؤ للبلاء. وذلك لأن البلاء ملازمٌ لدعوى الإيمان. وقد قال الله تعالى في هذا المعنى: { أَحَسِبَ النَّاسُ أَنْ يُتْرَكُوا أَنْ يَقُولُوا آمَنَّا وَهُمْ لَا يُفْتَنُونَ } العنكبوت[2]. وعلى هذا ، يكون البلاء مـمحصاً للصادقين من الكاذبين. وطريق السلوك مليئة بأنواع البلاءات التي تصيب النفس من كل حدب وصوب بحسب كل مقام وكل حال. والمريد إذا كان غير متهيء للبلاء فإنه سيجزع منه إذا صادفه، وقد يتقهقر أو يرتد، ظناً منه أن هذا البلاء من قبيل العقوبة على سوء حاله. والتفصيل هنا واجب فبلاء أهل الطريق غالباً يكون بلاء تطهير أو رفع درجات. ونتيجة البلاء في النهاية عند السالكين هو استخراج الكمالات الكامنة في النفس. نعني أن البلاء ضروريٌ للمريد أشد الضرورة. وما يقصده الشيخ رضي الله عنه بقوله "ومت موتة كلية "، فهو على الخصوص متعلقٌ بالنظر إلى الأعواض وإلى الأحوال. والمعنى أن المريد إذا أراد أن يحصل النفع، فعليه أن يقطع نظره عن النتائج حتى يستوي عنده المنع والعطاء، ويقطع نظره عن المفاضلة في الأحوال بالمعايير النفسية حتى يستوي عنده الحسن والقبح. ومرة أخرى هنا ننبه إلى كون المعايير العامة لا تنطبق على طريق الخواص ؛ لأن المقصود عند العوام تحصيل الفضائل واجتناب الـمذام؛ أما المقصود عند الخواص فهو الوصول إلى معرفة الحق، وبين الأمرين فرقٌ لمن كان ذا نظر؛ لأن موت النفس التي أشار الشيخ إليها في قوله، لا يحصل إلا بسكرات تجريدها من كل علائقها. والغاية من الموت في النهاية، هي أن لا يبقى للعبد شهود لوجود نفسه، فيصير حاله عكس حال الغفلة التي كان فيها. نعني أنه كان في البداية يشهد نفسه ويؤمن بالحق، وعند تحقق موت نفسه، صار يشهد الحق ويؤمن بنفسه. واشتغل عنك بشأني وإلا فامض عليا معنى قوله: "واشتغل عنك بشأني"، أن المريد يكون نظره إلى شيخه لا إلى نفسه، إلى الدرجة التي يغيب بها عن أحواله وأشغاله في الظاهر وفي الباطن. ومقصودنا في الظاهر وفي الباطن، لا يعني أن يتجرد المريد عن أسباب رزقه مثلاً، وإنما يعني أن يكون فيها بأدنى حضورٍ موف بحقها. ولا يصح اشتغال المريد بأحوال الشيخ إلا إذا كان متوجهاً إليه في جميع أحوال نفسه. وبهذه المطابقة وحدها، يستجلب المريد روحانية الشيخ إليه فتحل محل نفسه. وكلما قويت هذه الروحانية فيه، تضمحل صفات نفسه منه، إلى أن يبلغ التمام من هذا، ويخلصه الله بإذنه منها نهائياً. واشتراط الشيخ في هذا البيت لهذا الشرط على المريد بالدرجة التي تؤدي إلى صرفه عن غيره، يعني أن هذا هو محور الطريق؛ لأن الغاية من الطريق التخلص من وهم النفس. وكما يقول الفقهاء: ما لا يتم الواجب إلا به فهو واجب؛ بمعنى أن اشتغال المريد بشيخه وتوجهه إليه طول وقته هو الوسيلة الوحيدة لتحقيق تلك الغاية؛ وإلا فلماذا يضيع المريد وقته مع الشيخ؟ ولماذا يُتعب الشيخ نفسه مع المريد؟. وقوله" فامض علي "، يعني به فامض عني؛ لأنك ستكون وقت ذاك غير مؤهل لصحبتي. نوصيك بما أوصاني أستاذي قبل المنيا يعني بهذا البيت أن هذا الأمر الذي اشترطه على المريد في كل ما سبق ذكره من القصيدة، ليس بدعة، ولا طريقة تخصه دون سواه، وإنما هي سنة الله الماضية في السابقين. وأقرب السلف إلى الشيخ شيخه، فهو قد عمل بهذه الشروط في نفسه مع شيخه، وظهرت له نجاعتها لما وصل إلى الغاية بتحقيقها. فهو عند ذكره لهذا الأمر يؤنس المريد ويفهمه، حتى يحميه من وساوس الشيطان وتلبيسات أهوائه. وما ذكره الشيخ من استنانه بسنة شيخه، هو استنان في الأصل بسنة النبي صلى الله عليه وآله وسلم. ألم يكن الصحابة مشتغلين برسول الله صلى الله عليه وآله وسلم عن أنفسهم؟! فإن قال القائل ذاك رسول الله وهذا أحد أتباعه من المسلمين، فكيف نجعلهما على نفس القدر في المعاملة؟. فنقول: نحن لا نساوي أحداً من الناس برسول الله صلى الله عليه وآله وسلم، وحاشاه! وإنما نُلحق الفرع بالأصل في الحكم، كما هو معلوم عند الأصوليين. ثم فليعلم القارئ أنه حتى التوجه إلى رسول الله عليه وآله وسلم ليس مقصوداً لذاته وإنما هو وسيلة لتحقيق التوجه إلى الله تعالى، فالغاية الله وليست الرسول ولا الشيخ. والمنية التي يذكرها الشيخ هي موت نفسه عند تحقق وصوله مع شيخه. يعني بهذا أن حكم اشتغال المريد بالشيخ يكون سارياً ما دام سائراً، أما إذا وصل إلى معرفة الحق فإن هذا الحكم ينقطع؛ لأنه سيستغني عن الشيخ في ذلك الوقت، وسيستقل بنفسه في سيره بالحق. نعني بالاستقلال هنا الاستقلال عن الموصل، وإلا فلا استقلال، لأنه سيبقى تحت حكم الختم الذي هو أيضاً تحت حكم رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم. البوزيدي كان غني على جميع البريا البوزيدي هو شيخه الذي رباه حتى وصل إلى الحق. ويقصد بغنى شيخه عن كل الناس، أنه كان يأخذ عن الحق؛ لكن بالتفصيل الذي ذكرناه في البيت السابق، سواء علم ذلك أم لم يعلمه. وهو بإشارته إلى شيخه فإنما يشير إلى نفسه بأدبٍ، كأنما يقول وأنا على صفته من الغنى. اترك كلك في مكاني وارتق للألوهيا يعني بقوله "اترك كلك في مكاني": غب عن نفسك بي، وهذا لا يتحقق حتى يفنى المريد في شيخه في المراتب الثلاث المذكورة آنفاً ، والتي هي الأفعال والصفات والذات. فتكون أفعاله أفعال شيخه وصفاته صفات شيخه وذاته ذات شيخه. وهذا لا يُتصور عقلاً عند غير المكاشفين والذائقين. وأما قوله " وارتق للألوهية "، فيعني به أن يكون نظره إلى باطن شيخه وحقيقته التي ليست إلا الألوهية؛ لأنه بهذا النظر مع فنائه السابق ينال التحقق بالحق في نفسه؛ لأن مقتضيات الحقيقة التي هي المطلوبة في النهاية، غير مقتضيات التربية. ولو بقى المريد متمسكاً بمقتضيات التربية دائماً، فإنه لن يصل أبداً؛ بل سيرسخ في الشرك. وهذا التفريق بين الحقائق المجردة ومتطلبات التربية، قد أغفله أناس كثيرون، ولم يتبينوا تفاصيله دائماً، فلحق بهم النقص في تحققهم بقدر ذلك الإغفال والتبين. وانسلخ عن الأكوان لا تترك منها بقيا قوله: "وانسلخ عن الأكوان"، يقصد به التجرد عن الصورة العدمية. لأن كل موجود مما سوى الله أصله عدمٌ. ولما شاء الله أن يتجلى باسمه النور على الكائنات، ظهرت على صفحة الوجود الحق بصورها الأصلية. واستصحاب الصورة للوجود هو الذي أدخل عليها الظلمةَ، وهو الذي نشأت عنه صور النفوس في العقول. والشيخ ينبه المريد إلى أن الغاية من التربية هو الانسلاخ عن الظلمة العدمية التي دخلت عليه من أصله والبقاء بالحق في الحق، حتى يلحق في المرتبة بأهل الله. وقوله: "لا تترك منها بقية"، المراد منه التخلص من النفس في جميع المراتب؛ وذلك لأن أغلب المتصوفة يعلمون صفات النفس ولا يعلمون حقيقتها، فينشغلون بمجاهدة صفاتها ويتركون أصلها. فهذا كأنه ما حصل شيئاً؛ لأنه سينسب الفضائل التي نالها في النهاية إليها، وستزداد قوةً في حجابيتها عما كانت عليها سابقاً. أما من أراد الله له الخير، فسيجاهد صفاتها وسيتتبع جذورها في أصلها، ولا يهنأ له بال حتى يتخلص منها نهائياً؛ وإن كان هذا التخلص لا يكون إلا عن تجلّ إلهي فضلا من الله ونعمة. لكن لا بد من بقاء معقولية النفس في شهود هذا العبد، وإلا فعلى أي حقيقة منه ستتنـزل التكاليف؟! وهنا قد ضل قوم قالوا برفع التكاليف للواصل. ولا يخفى أن هذا القول مخالفٌ لنهج النبي صلى الله عليه وآله وسلم؛ وهو إمام الواصلين وسيد العارفين. هذا وذاك سيان انظر نظرة مستويا أما قوله: "هذا وذاك سيان"، فيدل على حقيقة الوهم الذي كان عند المريد؛ بمعنى أن العدم الذي هو أصل الممكنات، مرتبة من مراتب الوجود وأنه حقٌ من الحق، حتى تنتفي الثنائية التي كانت تصبغ نظره إلى الوجود. ولا شك أنها إن بقيت لديه فستكون من الشرك الخفي. وهذا أيضا من الحقائق التي تخالفها مقتضيات التربية كما سبق أن ذكرنا؛ لأن المريد إن عمل بها إبان سلوكه إلى الحق، فلن يتمكن من مجاهدة نفسه، وبالتالي فلن يصل إلى غايته. كما أن الواصل ينبغي عليه أن يتخلص من سابق علمه إبان تربيته، لتصح له معرفة الحق حقيقةً. وخلاصة القول أن الوهم حقٌ، فلا يضيعه المريد من نظره. وقوله: "انظر نظره مستوية ": أي فانظر بالحق إلى الحق، متخلياً عن إسقاطات وهمك وظل صورتك؛ لأن الحق لا يعرفه في الحقيقة إلا الحق. فبهذا وحده تعرف الحق حقيقة. المكون والأكوان مظاهر الوحدانيا المكون هو الله والأكوان هي المخلوقات، يقصد بهذا أنه على المريد أن ينظر إلى الحق من حيث كونه حقاً، وإلى الخلق من حيث كونه حقاً، عند تخلصه من أثر ظلالهم؛ لأن هذه هي الحقيقة التي ظهرت في مظهر الفرق. كل هذا من مرتبة الواحدية التي تجمع في حضرتها بين الحق والخلق. نعني بهذا، أن هذا الشهود يصح في هذه المرتبة، أما في غيرها فلا. إن حققت بالعيان لا تجد شيئا فريا يعني به إن شهدت الحق بالحق فإنك لن تجد سواه. وهذا من العلم الذي لا يكون إلا بالكشف؛ أما العقول المحجوبة فإنه يعسر عليها عسراً شديداً، بل تنكره وترفضه. الكل من حاله فاني إلا وجه الربوبيا هذا المعنى المذكور في قوله تعالى: { كُلُّ مَنْ عَلَيْهَا فَانٍ وَيَبْقَى وَجْهُ رَبِّكَ ذُو الْجَلاَلِ وَالإِكْرَامِ } الرحمن [26-27]. فالمخلوقات فانية في ظهورها، ووجه الله باق مع فنائها. ومعنى الوجه هو ما يتعرف به الحق إلى العبد، وبهذا تكون كل المخلوقات وجوهاً. وأما من يتصور أن الأكوان موجودة وسيلحقها الفناء فيما بعد، فإنما ذلك يأتيه من وهمه فحسب؛ أما في الحقيقة فلا وجود إلا للحق. بعد تعرف ما نعاني فاغن إن شئت عليا يقصد بقوله: "بعد تعرف ما نعاني"، أنك إن شاهدت الحق بالحق ستعلم أحوالنا، وستكابد إثبات الخلق كمكابدتنا بعكس ما كنت عليه وقت غفلتك من إثبات الخلق مع إيمان بالحق. وقوله:" فاغن "، يعني به فاستغن به عند وصولك إلى هذه المرتبة عني؛ لأن المريد إذا تحقق بالحق وصح له الرسوخ يستغني عن شيخه بالحق، وقد يصير هو أيضاً شيخاً لغيره. وعلى هذا تكون صحبة الشيخ ضرورية ما دام المريد في حاجة إليه، أما القول بها على الإطلاق فلا يصح إلا من حيث الظاهر ومن باب الأدب مع الحق نفسه. لا والله ما ينساني إلا من كان خليا يقصد بقوله: "لا والله ما ينساني"، المريد الواصل بصحبته. لا ينساه ولا ينسى فضله عليه عند وصوله؛ لأن الشيخ مظهرٌ من مظاهر الحق. وقد جاء في الحديث: « من لم يشكر الناس لم يشكر الله » [ أخرجه الترمذي وأحمد في مسنده عن أبي سعيد الخدري رضي الله عنه]. ولو لم تكن مظاهر للحق ما صح لها الشكر أصلاً. والمريد الواصل لا شك يكون عالماً بهذه الحقائق ومتلبساً بهذه الآداب؛ وإلا فما هو الوصول؟! فالله يعلم بشأني يحفظني فيما بقيا يعود الشيخ هنا إلى أدب الظاهر ويرجع إلى ربه في العلم به، حتى لا يكون مزكياً لنفسه بنفسه، ويسأله الحفظ فيما بقي من عمره. أما من حيث الباطن فيؤكد أن علمه بنفسه هو من الله الذي يسأله أن يلطف به في سلوكه الثاني وتحققه، كما لطف به في سلوكه الأول بوصوله؛ لأن معرفة الله لا نهاية لها والعلم به لا ينقضي. وقد علم الله نبيه صلى الله عليه وآله وسلم ذلك، فقال جل شأنه: { وَقُلْ رَبِّ زِدْنِي عِلْماً } طه [114]. أي زدني علماً بك إلى ما لا نهاية، لأن هذا الدعاء لا ينقضي بالدنيا. ويحفظ جميع إخواني من الفتن القلبيا ثم زاد تنـزل الشيخ إلى الظاهر بسؤال الحفظ لأصحابه ومريديه مما قد يعرض لهم في سلوكهم، فيؤخرهم عن السير أو يقطعهم عنه، شفقة عليهم ورأفة بهم، وتداركاً لما قصرت عنه استعداداتهم ومراتبهم. ومن دخل في ديواني ومن حضر في جمعيا يعني به من دخل في دائرة الشيخ ممن انتسب إليه النسبة المعهودة عند أهل الطريق. والنسبة في الحقيقة إلى الشيخ نسبتان: نسبة سمى أهلها إخواناً ونسبة عامةٌ هي المذكورة هنا. أما النسبة الأولى فلا تصح إلا للسالكين، وقد أخذ تسميتها تأسياً برسول الله صلى الله عليه وآله وسلم من قوله: « وددت أنا قد رأينا إخواننا قالوا: أولسنا إخوانك؟ يا رسول الله قال: أنتم أصحابي وإخواننا الذين لم يأتوا بعد» [ أخرجه مسلم في صحيحه عن أبي هريرة رضي الله عنه ]. أما النسبة الثانية العامة فهي التي تشمل المتبركين بأوراد الشيخ والمكثرين من لقائه. ثم أكمل بسؤال الحفظ لكل من جمعه الله به ولو مرة في عمره من غير أن ينتسب إليه؛ هذا، حتى يعم خيره وتشمل بركته كل هذه الدوائر إئتماماً برسول الله صلى الله عليه وآله وسلم الذي قال فيه ربه سبحانه: { وَمَا أَرْسَلْنَاكَ إِلَّا رَحْمَةً لِلْعَالَمِينَ } الأنبياء [107]. وما خص عالماً دون عالم ولا مرتبة دون مرتبة. ومن رأى من رآني إذا كانت له نيا وفي هذا أيضاً يتأسى برسول الله صلى الله عليه وآله وسلم أدباً منه ونطقاً بحقيقته؛ لأنه قد جاء في الحديث: « طوبى لمن رآني وآمن بي وطوبى لمن رأى من رآني ولمن رأى من رأى من رآني وآمن بي طوبى لهم وحسن مآب » [ أخرجه الحاكم والطبراني وقال المناوي إسناد الطبراني حسن ] واشتراطه للنية هنا يعني به قبول هذا الفضل من الرائي؛ وإلا فلن يصيبه وهو له كارهٌ. صل يا رب عن لساني واصرف كلي لنبيا يسأل الله تعالى أن يكون هو المصلِّي بلسانه على نبيه صلى الله عليه وآله وسلم، حتى تكون الصلاة كاملة على قدر الحق المطلق لا على قدره هو. كل هذا تعظيماً لقدر النبي صلى الله عليه وآله وسلم ومعرفة بحقه وفضله. أما سؤاله أن يصرفه بالكلية إلى النبي صلى الله عليه وآله وسلم، فحتى يأخذ حكمه في نفسه؛ بمعنى يصير بعضا من الحقيقة المحمدية. وقولنا بعضا، هو بسبب نسبة الفرع إلى الأصل وإلا فإن الجزء إذا فني في الكل لم يبق إلا الكل. ويسأل أهل الله الفناء الكلي في رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم، حتى يشهدوا الحق به، لأنه أعلى الشهود وأتم العلم. إن أطعتك يرضاني وإن أسأت يشفع فيا يذكر هنا فضل رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم على كل أهل الله. ويذكر حالين أساسين من الأحوال وهما الطاعة والمعصية، ويصرفهما إلى الظاهر والباطن معاً. ويعني بالطاعة هنا أن يكون موافقاً لحال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم لأن رسول الله لن يرضى إلا عن حاله، ويقصد بالإساءة الغفلة العرضية، أو القصور عن تحصيل الأكمل، اللذين يحجبانه عن الحق؛ وهو إن وقع فيهما يشفع له رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم من كونه أصله، فيقبل الله شفاعته بالتوبة عليه وإعادته إلى حال الموافقة والحضور. جـعلت فـيـهـا عـنـواني في أواخـــر الـقافيـا نـسـبي من جـهـة بـدني للـقبيــلة العــلاويــا والاتـصـال الـروحاني بالحـضـرة البـوزديـــة ارحـم ربي الفـئتـين وارحــم مني ما بقـيا من فـرع النسبتين إلى منتهى البريا انتهى الشرح ولله الحمد وصلى الله على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه. |