انتهاء الاعتصام بعد
1255
يــــــوم
بسم الله الرحمن الرحيم. يُنهي شيخ الطريقة العمرية عبد الغني العمري الحسني، إلى علم الرأي العام، ومن بعده إلى علم أتباع الطريقة العمرية في أنحاء العالم، أنه: 1. قد عزم على إيقاف اعتصامه مع عائلته داخل بيته نهاية يوم الثلاثاء 15-5-2018م، بمناسبة حلول شهر رمضان الكريم لعام 1439ه. وللإشارة، فإن هذا الاعتصام قد بدأ يوم الاثنين 8-12-2014م، واستمر طيلة 1255 يوم. 2. سيغادر مدينة جرادة التي كانت محل اضطهاده وعائلته من طرف السلطات المحلية والأجهزة الأمنية، مع توظيف الأوباش والسفهاء من أهل المدينة في هذا العمل الشنيع. وسيكون مقر الشيخ المقبل إن شاء الله بمدينة سلا، مرفوقا بجميع أفراد عائلته. حرر بجرادة ليلة الأربعاء: 16-5-2018م. شيخ الطريقة العمرية: عبد الغني العمري الحسني
Translated
Sheikh's Books |
2020/10/28
نسخة الإسلام الشيطانية
عن أبي سعيد الخدري رضي الله عنه قال: "بَيْنَمَا نَحْنُ عِنْدَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وَهُوَ يَقْسِمُ قِسْمًا، أَتَاهُ ذُو الْخُوَيْصِرَةِ؛ وَهُوَ رَجُلٌ مِنْ بَنِي تَمِيمٍ، فَقَالَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ اعْدِلْ! فَقَالَ: «وَيْلَكَ! وَمَنْ يَعْدِلُ، إِذَا لَمْ أَعْدِلْ! قَدْ خِبْتَ وَخَسِرْتَ، إِنْ لَمْ أَكُنْ أَعْدِلُ!» فَقَالَ عُمَرُ: يَا رَسُولَ اللَّهِ ائْذَنْ لِي فِيهِ فَأَضْرِبَ عُنُقَهُ، فَقَالَ: «دَعْهُ، فَإِنَّ لَهُ أَصْحَابًا يَحْقِرُ أَحَدُكُمْ صَلَاتَهُ مَعَ صَلَاتِهِمْ، وَصِيَامَهُ مَعَ صِيَامِهِمْ، يَقْرَءُونَ الْقُرْآنَ لَا يُجَاوِزُ تَرَاقِيَهُمْ، يَمْرُقُونَ مِنَ الدِّينِ كَمَا يَمْرُقُ السَّهْمُ مِنَ الرَّمِيَّةِ: يُنْظَرُ إِلَى نَصْلِهِ فَلَا يُوجَدُ فِيهِ شَيْءٌ، ثُمَّ يُنْظَرُ إِلَى رِصَافِهِ فَمَا يُوجَدُ فِيهِ شَيْءٌ، ثُمَّ يُنْظَرُ إِلَى نَضِيِّهِ وَهُوَ قِدْحُهُ فَلَا يُوجَدُ فِيهِ شَيْءٌ، ثُمَّ يُنْظَرُ إِلَى قُذَذِهِ فَلَا يُوجَدُ فِيهِ شَيْءٌ؛ قَدْ سَبَقَ الْفَرْثَ وَالدَّمَ. آيَتُهُمْ رَجُلٌ أَسْوَدُ، إِحْدَى عَضُدَيْهِ مِثْلُ ثَدْيِ الْمَرْأَةِ أَوْ مِثْلُ الْبَضْعَةِ تَدَرْدَرُ، وَيَخْرُجُونَ عَلَى حِينِ فُرْقَةٍ مِنَ النَّاسِ.» قَالَ أَبُو سَعِيدٍ: فَأَشْهَدُ أَنِّي سَمِعْتُ هَذَا الْحَدِيثَ مِنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وَأَشْهَدُ أَنَّ عَلِيَّ بْنَ أَبِي طَالِبٍ قَاتَلَهُمْ وَأَنَا مَعَهُ، فَأَمَرَ بِذَلِكَ الرَّجُلِ فَالْتُمِسَ فَأُتِيَ بِهِ حَتَّى نَظَرْتُ إِلَيْهِ عَلَى نَعْتِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، الَّذِي نَعَتَهُ."[متفق عليه]. إن قيام حثالة الناس في زماننا، بما يزعمون أنه دفاع عن الإسلام، لا يجعلهم على تديُّن سليم؛ وإن شهد بعضهم لبعض بذلك، أو اعتبرهم الإعلام المغرض ونفخ في أخبارهم. وهذا، لأن الشيطان لا يعادي الإسلام بما ليس منه، كما يفهم الجهلاء دائما؛ ولكن أشد عداوته له، تكون بإنشاء صورة له باطلة، هي ما أشار إليه الحديث أعلاه. ولنتأمل صفات ذي الخويصرة الملعون، وصفات أصحابه، الذين يلحقون به في نسبه الخبيث، لنجدهم كما يلي: 1. إنهم لا إيمان لهم في قلوبهم: لأن المؤمن الحق، لا يستطيع أن يواجه النبي صلى الله عليه وآله وسلم، بقول باطل، كما فعل ذلك الشقي. والتستُّر بالعبادة في الظاهر، لا يُلحق المرء بالمؤمنين؛ لهذا، فإن من أراد أن يكون من أهل الإيمان، فعليه بتفقد قلبه. ولا يتحقق له هذا، إلا إن فارق أهل البدعة، من أتباع ذي الخويصرة. 2. إنهم في باطلهم، ينطقون بما ظاهره حق؛ وهو في الحديث العدل. فالشقيّ جاء إلى النبي صلى الله عليه وآله وسلم، يُطالبه بالعدل؛ وكأنه يعلمه على وجهه، أو كأن النبي صلى الله عليه وآله وسلم، يمكن أن يكون على سواه!... ومن كان على خبرة بخطاب الشيطان، فإنه سيعرفه من لسان ذي الخويصرة. وذلك لأن الشيطان في مخاطبته لأهل الدين (وهم هنا الصحابة الحاضرون)، لا يأمرهم بمعصية معلومة لديهم؛ ولكن يأمرهم بطاعة في غير محلّها، ليفرق صفّهم، ويجعل بعضهم ينقلب على بعض. ولقد كانت الطاعة هنا "العدل"، غير أن الله عصم الصحابة من شرّه بفضل تواجد النبي صلى الله عليه وآله وسلم بينهم. قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ: «{وَإِنَّهُ لَعِلْمٌ لِلسَّاعَةِ} [الزخرف: 61]، فَقَالَ: النُّجُومُ أَمَانٌ لأَهْلِ السَّمَاءِ، فَإِذَا ذَهَبَتْ أَتَاهَا مَا يُوعَدُونَ؛ وَأَنَا أَمَانٌ لأَصْحَابِي مَا كُنْتُ، فَإِذَا ذَهَبْتُ أَتَاهُمْ مَا يُوعَدُونَ؛ وَأَهْلُ بَيْتِي أَمَانٌ لأُمَّتِي، فَإِذَا ذَهَبَ أَهْلُ بَيْتِي أَتَاهُمْ مَا يُوعَدُونَ.»[أخرجه الحاكم في المستدرك عن جابر]. وهذا يدل على أن إيمان الصحابة، محفوظ بشخص النبي صلى الله عليه وآله وسلم؛ من كونه أصله الممد لهم به. فهو صلى الله عليه وآله وسلم كالشمس، والإيمان في قلوب أصحابه كالأشعة؛ والأشعة محفوظ وجودها بوجود الشمس، كما هو معلوم. ثم إذا تُوُفي النبي صلى الله عليه وآله وسلم، فإن إيمان الأمة يكون محفوظا بأهل بيته، الذين هم عُدلاء القرآن فيها، كما في قوله عليه السلام: «إِنِّي تَارِكٌ فِيكُمْ مَا إِنْ تَمَسَّكْتُمْ بِهِ لَنْ تَضِلُّوا بَعْدِي؛ أَحَدُهُمَا أَعْظَمُ مِنَ الْآخَرِ: كِتَابُ اللَّهِ حَبْلٌ مَمْدُودٌ مِنَ السَّمَاءِ إِلَى الْأَرْضِ، وَعِتْرَتِي أَهْلُ بَيْتِي. وَلَنْ يَتَفَرَّقَا، حَتَّى يَرِدَا عَلَيَّ الْحَوْضَ؛ فَانْظُرُوا كَيْفَ تَخْلُفُونِي فِيهِمَا.»[أخرجه الترمذي عن زيد بن أرقم، وأخرجه مسلم بلفظ غيره.]. والعدل الذي يُطالب به ذو الخويصرة وأتباعه، ليس له من العدل إلا الاسم. ونحن قد رأينا الإسلاميين من أهل زماننا، لا يأبهون للدين، ولا يعيرون اهتماما للأمة؛ ومع ذلك، فهم يدعون الناس إلى إقامة الدين، وإلى منابذة أهل الفساد والظَّلمة، في ظاهر الأمر؛ ويعتمدون في ذلك الخطاب "الحقوقي" (بالمعنى الدجالي)، ليستهووا الفقراء والمستضعفين. وهم في الحقيقة، يسوقون الأمة إلى فتن لا آخر لها؛ يذهب ضحيتها الجهلَة من الشباب المتحمّسين. ورأينا من أهل زماننا كذبة المتسلّفة، الذين يزعمون أنهم يدعون الأمة إلى التوحيد، وهم لا يعلمون منه شيئا. وقد استثمر التيار العولمي، هذيْن الصنفيْن من أتباع ذي الخويصرة، وصار يضخم من أقوالهم، ويعرضها وكأنها الإسلام نفسه، ليوقع فيما بين المسلمين أنفسهم؛ وليُقدّم الإسلام للعالم في صورة شائهة لا تمتّ إليه بصلة. ولن نتوقف عند انقلاب المكر العالمي على أصحابه، ولكن همّنا أن تُفيق الأمة الإسلامية من غفلتها؛ وأن تتخلص من توجيه بعض من تُحسن بهم الظن، الذين ليسوا إلا من أتباع ذي الخويصرة!... 3. إن ذا الخويصرة وأتباعه، لهم جرأة في باطلهم، تختلط على من لا نور له بجرأة أهل الحق في الحق. ويزيد من أثر هذه الوقاحة في زماننا، تناقل وسائل الإعلام المغرضة لكلامهم، مع تعمية خطاب الحق في مقابل ذلك. وعوام الناس من المسلمين ومن غيرهم، لا يستقون معلوماتهم إلا من وسائل الإعلام!... ولسنا في حاجة لأن نُذكّر هنا، بأسماء قنوات فضائية شهيرة، لها من الصيت ما لا يقوم له إلا أهل النور. وقد بدأ يظهر للعيان منها، خدمتها لمشروع النظام العالمي؛ وإن حافظت في ظاهر خطابها على التوجُّه الإخواني الملتبس. ولا يفوتنا هنا، أن نعلن أن تنظيم الإخوان العالمي اليوم، ليس إلا رديفا لنظيره الماسوني. وعلى المسلمين أن لا يغترّوا بعبارات الانتصار لـ "الشرعية" ومثيلاتها، لأنها لا تعني لديهم موافقة الشريعة، بقدر ما تعني معارضتها، بتديُّن ضرار؛ التبس على أكثر فقهاء العصر. ومن لم يكن له نور من الله، يُميّز به بين الحق والباطل، فإنه لا شك سيكون من ضحاياهم المباشرين، أو غير المباشرين. 4. إن المبطلين من أتباع ذي الخويصرة، ليسوا معلنين للكفر، حتى يتنبّه إليهم العوام؛ ولكنهم على تديّن شديد، بالمقارنة إلى عامة المسلمين: فهم يحرصون على الصلاة، فرضا ونفلا؛ ويحرصون على الصيام فرضا ونفلا؛ لكن في مقابل ذلك، لا نور لهم في عبادتهم، لكون قلوبهم مظلمة. ولقد كنّا نرى أفرادا من الإسلاميين نعرفهم، ونرى أثر الظلمة على وجوههم، فنعجب من حالهم؛ على ما هم عليه من مداومة الاجتهاد (بحسب الظاهر)، وعلى ما يتحملون من مشاق. ولكننا من علمنا بأحوال القلوب، صرنا نعرفهم ونعرف تفاصيل ما يتعلّق بهم، من جهتيْ الظاهر والباطن، بحمد الله. ولقد ذكر النبي صلى الله عليه وآله وسلم أن الصحابة -والخطاب إليهم في الحديث الذي صدّرنا به الكلام- يحقرون صلاتهم إلى صلاتهم، وصيامهم إلى صيامهم؛ ليصرف نظرهم عن ظاهرهم الخادع، إلى باطنهم المخادع. وإن كان هذا حال الصحابة معهم، فما يكون حال العامة من متأخري المسلمين الغافلين؟!... 5. إن هذا الصنف من أهل الضلال، يقرأون القرآن؛ أي يحفظونه ويعتنون به؛ ولكنه لا يُجاوز تراقيهم (والتَّرْقُوَتان من الإنسان، هما عظمتا الصدر البارزتان أسفل العاتق). والمعنى، هو أن هؤلاء لا يتصل القرآن بقلوبهم، وإنما حدُّه حناجرهم اللافظة له. وتراهم كثيري الاستشهاد بالآيات منه، عن غير علم؛ وبالأحاديث النبوية، من غير تعظيم ولا فهم. وكل ذلك، ليس إلا من وحي الشيطان، الذي يوحيه إليهم. والعامة ينطلي عليهم الخطاب، لأنهم يحكمون بالظاهر من دون اطلاع على البواطن، من جهة؛ ومن جهة أخرى، لأنهم يتوهمون أن الشيطان لا يقرأ القرآن ولا ينطق بالحديث!... وهذا غلط محض، لأنه -عليه اللعنة- يأتي المسلمين على هيئة علماء الدين المقتفين للسنة (على غير وجهها)؛ ثم يأخذهم بعد ذلك في سبل الضلال، بسهولة. بل إنه ينطق على ألسنة كثير من فقهاء الزمان، الذين استحوذ على قلوبهم؛ والناس يظنون أن الكلام للفقيه. ولقد عرفنا من حال أحد أشهر خطباء العصر، أن شيطانا يتولّى إلقاء الكلام في سمعه؛ إلى أن افتتن به كثير من شباب المسلمين. ولولا مخافة أن نزيد الفتنة اشتعالا، لذكرنا بعض هؤلاء المتفقِّهة بالاسم!... 6. وأما التشبيه النبوي لهؤلاء الضُّلّال بمروق السهم من الرمية، ففيه أسرار نبيّن هنا بفضل الله، بعض ما يتيسّر منها: ا. الرَّمِيَّة، هي الطريدة؛ ومروق السهم منها، هو إخطاؤها. وهذا فيه إشارة إلى أن هذا الصنف من المتديِّنين، مخطئون للدين، الذي هو الطريق إلى الله. وهكذا، فإن تديّنهم -رغم تعبهم ونصبهم فيه- حابط. يقول الله تعالى عن أضرابهم: {وَيَقُولُ الَّذِينَ آمَنُوا أَهَؤُلَاءِ الَّذِينَ أَقْسَمُوا بِاللَّهِ جَهْدَ أَيْمَانِهِمْ إِنَّهُمْ لَمَعَكُمْ حَبِطَتْ أَعْمَالُهُمْ فَأَصْبَحُوا خَاسِرِينَ} [المائدة: 53]؛ وحبط الأعمال لا يكون إلا للكافرين والمرتدّين، بحسب السياقات القرآنية الوارد فيها. فكأن النبي صلى الله عليه وآله وسلم، يحكم بردّة ذي الخويصرة ومن يتبعه، عند ذكره لإخطائهم الهدف!... ب. وأما النصل: فهو رأس السهم الحاد؛ ورصافه، هو محل جبر انكساره؛ ونضيّه، هو خَلَقه (بلاه)؛ والقِدح، هو السهم قبل أن يُنصَّل ويُراش؛ والقُذذ، هي الريش الذي يوضع على السهم. ويُشار بأجزاء السهم هذه، إلى مراحل أعمار أهل الضلال، أو إلى مراحل أعمالهم، التي هم مخالفون فيها لصحيح الدين؛ فهم يخرجون منها جميعها من غير تحصيل أجر ولا فائدة؛ كالسهم الذي لا يبقى عليه من أثر الطريدة لا دم ولا فرث، مما يدل على إصابته لها. وهذا الوصف النبوي لا أبلغ منه في تعريف هذا الصنف. ولقد عرفنا أشخاصا، ممن أمضوا أعمارهم فيما يُسمّونه "دعوة"، ووالله لَهم أحوج الناس إلى تجديد إيمان!... مع ما يتصفون به من مكابرة، وما يركبهم من كبر؛ بسبب تعظيم الجاهلين لهم. 7. أما الرجل الأسود الموصوف، الذي أخبر أبو سعيد رضي الله عنه بعثوره عليه بين الخوارج، في زمن عليّ عليه السلام؛ فما هو إلا أحد أئمتهم المتعاقبين في جميع الأزمان. ومن نظر إلى زماننا، فإنه سيعرف أئمتهم بأدنى تفرُّس، بسبب خروجهم عن أصول الدين (بالمعنى اللغوي) وتمسكهم بفروعه؛ وباستهانتهم بدماء المسلمين. ونحن نجزم أن دعوة ابن تيمية والمتسلِّفة من بعده، ودعوة الإخوان المسلمين (السروريين على الخصوص)، ليستا إلا من ضلال ذي الخويصرة ومن وحي الشيطان. وعلى هذا، فإننا نرى جميع المعارك التي يُدخل هؤلاء الأمة فيها -كما هو الشأن اليوم مع تصريحات ماكرون الجاهلة- ما هي إلا معارك جانبية، يُصرف بها المسلمون عن صريح الدين، ويُعمل بها على سفك دمائهم في البلدان التي يحتدم فيها الصّفّان، من جراء النفخ الإعلامي في النار الموقدة. وكل ما يُصاحب ضلالهم من دعوات إلى مقاطعة المنتوجات الفرنسية اليوم، ليس إلا تعمية لحقيقة حالهم؛ وحتى يظن سفهاء المسلمين أن دافعهم الغيرة على النبي صلى الله عليه وآله وسلم، وعلى الدين!... وهيهات!... فلو كُفي المسلمون شرورهم وحدهم، لكانوا عل خير حال!... فلا يغتر أحد بدعواتهم، بل بعبادتهم؛ ومن وجد متسعا حتى لا يُشاركهم عباداتهم، فإنه يكون أفضل له!... وهنا لا بد من أن نذكر قاعدة فقهية، مجهولة لدى الفقهاء المترسّمين، وهي أنه لا يجوز استماع القرآن من صاحب ضلالة؛ وبالتالي فلا تجوز الصلاة خلفهم (والمرء يعلم)، ولا التتلمذ لهم، إن كانوا من أساتذة العلم في المعاهد والجامعات. ولقد جاء مرة إبليس إلى عيسى عليه السلام يأمره بقول "لا إله إلا الله"؛ فأجابه عليه السلام: "أقولها، لكن لا بقولك". وكل من قرأ القرآن بإقراء الشيطان (ولو في صورة إنسان)، أو أخذ عنه ذكرا (ولو في صورة شيخ متصوف)، فليعلم أنه لن يستمد من ذلك إلا الظلمة. وإن شطرا كبيرا من المسلمين، يهلك من هذا الوجه، والناس لا يدرون!... 8. وأما عدم إذن النبي صلى الله عليه وآله وسلم في قتل ذي الخويصرة، فهو من علمه -عليه السلام- بحتمية وجود هذا الصنف من المنافقين في الأمة؛ ومن تأدُّبه مع قضاء الله وقدره، وسبق مشيئته سبحانه وعلمه. وتبعا لهذا، فإن على المسلمين، أن لا يطمئنوا إلى كل متظاهر أمامهم بأعمال الإسلام، أو بالتعصُّب له؛ لأن بعض ذلك، يكون بغرض استتار المنافقين عن أنظار المؤمنين!... وإن كل من يدعو اليوم إلى مواجهة فرنسا، أو أوروبا، أو العالم الغربي برمته؛ إما مواجهة عسكرية أو اقتصادية أو غير ذلك، لا يكون ساعيا إلا في إفناء المسلمين، الذين لا يخفى تشرذُمهم، وتفرُّقهم عن أئمة الدين الأحقاء فيهم، والذين على رأسهم خواص أهل البيت من كل زمان، الذين دل عليهم التوجيه النبويّ صراحة!... ومن خالف توجيه نبيّه من المسلمين، فما الذي يرجوه بعد؟!... ومن تبيّن حال "الخويصريين"، فإنه يجدهم أشد عداء لأهل بيت النبي صلى الله عليه وآله وسلم. ونحن هنا لا نبرئ الروافض، من النفاق؛ لأنهم بعدائهم لكبار الصحابة، هم على مثل ما عليه النواصب؛ وكلا الفريقيْن عندنا من الخويصريين، وإن اختلف نهجاهما. فليحترز المسلمون منهم جميعا، وليتحرّوا المحجة البيضاء التي دل النبي صلى الله عليه وآله وسلم، عليها في قوله: «قَدْ تَرَكْتُكُمْ عَلَى الْبَيْضَاءِ: لَيْلُهَا كَنَهَارِهَا؛ لَا يَزِيغُ عَنْهَا بَعْدِي إِلَّا هَالِكٌ. مَنْ يَعِشْ مِنْكُمْ، فَسَيَرَى اخْتِلَافًا كَثِيرًا؛ فَعَلَيْكُمْ بِمَا عَرَفْتُمْ مِنْ سُنَّتِي، وَسُنَّةِ الْخُلَفَاءِ الرَّاشِدِينَ الْمَهْدِيِّينَ؛ عَضُّوا عَلَيْهَا بِالنَّوَاجِذِ. وَعَلَيْكُمْ بِالطَّاعَةِ، وَإِنْ عَبْدًا حَبَشِيًّا؛ فَإِنَّمَا الْمُؤْمِنُ كَالْجَمَلِ الْأَنِفِ، حَيْثُمَا قِيدَ انْقَادَ.»[أخرجه ابن ماجة وأحمد والحاكم في المستدرك، عن العرباض بن سارية]. ومن يطبّق معاني الحديث على أحوال "الإسلاميين"، فإنه يجدهم على خلاف التوجيه النبويّ، بمعارضتهم للحكام. ونحن هنا -في المقابل- لا ندعو إلى طاعة الحكام في معصية الله؛ فإن ذلك من الشرك عندنا؛ ولكن لا نقبل بمعارضة الحكام من أجل الدنيا، وتنافساً عليها؛ لأنها أحقر من ذلك عند أهل الدين... 9. إن ضرر المنافقين المندسّين بين المسلمين، لا شك، هو أشد خطرا من عداوة الكافرين الصريحة؛ لذلك، وجب التنبُّه إليهم، وعدم إطاعة دعواتهم التدميرية. ولسنا نرى في "قيام" عوام الأمة من كل أنحاء العالم على فرنسا الآن، إلا دعوة نفاقية، تبغي الشر للمؤمنين وللكافرين جميعا؛ وذلك لأن المنافقين ليسوا لا مع هؤلاء ولا مع هؤلاء. يقول الله تعالى عنهم: {إِذَا جَاءَكَ الْمُنَافِقُونَ قَالُوا نَشْهَدُ إِنَّكَ لَرَسُولُ اللَّهِ وَاللَّهُ يَعْلَمُ إِنَّكَ لَرَسُولُهُ وَاللَّهُ يَشْهَدُ إِنَّ الْمُنَافِقِينَ لَكَاذِبُونَ . اتَّخَذُوا أَيْمَانَهُمْ جُنَّةً فَصَدُّوا عَنْ سَبِيلِ اللَّهِ إِنَّهُمْ سَاءَ مَا كَانُوا يَعْمَلُونَ . ذَلِكَ بِأَنَّهُمْ آمَنُوا ثُمَّ كَفَرُوا فَطُبِعَ عَلَى قُلُوبِهِمْ فَهُمْ لَا يَفْقَهُونَ . وَإِذَا رَأَيْتَهُمْ تُعْجِبُكَ أَجْسَامُهُمْ وَإِنْ يَقُولُوا تَسْمَعْ لِقَوْلِهِمْ كَأَنَّهُمْ خُشُبٌ مُسَنَّدَةٌ يَحْسَبُونَ كُلَّ صَيْحَةٍ عَلَيْهِمْ هُمُ الْعَدُوُّ فَاحْذَرْهُمْ قَاتَلَهُمُ اللَّهُ أَنَّى يُؤْفَكُونَ} [المنافقون: 1 - 4]. ومعنى {هُمُ الْعَدُوُّ} هو: هم العدو حقيقة. وليتأمل مسلمو اليوم، شهادة المنافقين للنبي صلى الله عليه وآله وسلم -كذبا- بأنه رسول الله؛ وليُقارنها بحملة الانتصار لرسول الله، ليعلم أن الله قد كذّب المنافقين، وشهد هو سبحانه من علمه، لرسوله بالرسالة؛ حتى يقطع عن الأمة إضلالهم بما ظاهره حق من الكلام. وليُعتبر من المنافقين حال باطنهم، الذي يفضحه القرآن: بوصف أجسادهم بالخُشب الجوفاء، بسبب غياب الإيمان من قلوبهم؛ وبوصف رُعبهم الدائم، من جهة الكفار ومن جهة المؤمنين؛ لأنهم أعداء للجميع. فهم إذا صاح المؤمنون صيحة الهجوم في الحرب، أو صاح الكفار، يخافون بسبب علمهم بأنهم ليسوا مع الجانبيْن. وإن معاداة المنافقين لفرنسا، أو لغيرها، ليست من نُصرة الإسلام، كما يظن الجاهلون؛ ولكنها من معاداة المنافقين للكافرين. وسبب ذلك، هو أن الكافرين صادقون في كفرهم، ولا يُدارون أحدا فيه. وهذا الصدق، معتبر عند الله العليم الحكيم، في الآخرة؛ فليُعتبر، عند العباد!... ونحن ندعو جميع المسلمين، من جميع البلدان، إلى العودة إلى عقلائهم عند ارتفاع أصوات الفتنة المؤيَّدة بالإعلام المفضوح؛ وأن يعملوا بالعكس من ذلك، على إخماد الفتنة بالعودة إلى الهدوء في بلدانهم، وإلى الابتعاد عن التحرُّش بمخالفيهم في الدين أو في الأيديولوجيا... وفي النهاية، فإننا ننبه إلى وقوع بعض الحكومات لبعض البلدان في العالم، فريسة للخطاب "الخويصريّ"؛ لكونها لا تعتبر إلا الوجه السياسيّ في المسائل؛ ومن ذلك المكاسب الانتخابية، وغلبة الخصوم الداخليين قبل الخارجيّين. فنحن نحذّر المسلمين من اتباعهم، ومن اتباع الناطقين باسم الحكومات -مسلمة وغير مسلمة- والعودة إلى صحيح الدين، بنبذ كل ذلك. ولسنا هنا نناقض كلامنا السابق، الذي طالبنا فيه الحكومات الإسلامية بالضغط على الحكومة الفرنسية؛ لأننا كنا نقصد أن يكون ذلك عبر القنوات الديبلوماسية، لا عن طريق البيانات الشعبوية المؤجِّجة لمشاعر العامة. وعلى هذا، فما الحماسة التي يُبديها الآن، بعض الرؤساء المسلمين أو بعض القيادات الدينية أو السياسية فيهم، إلا محض مخادعة؛ من أجل ابتزاز دول العالم الأخرى، أو ابتزاز أنظمة حكمهم. وفي النهاية، قد يقع الاتفاق بين الأطراف المتصارعة، على ما ليس من الدين في شيء، بعد وقت وجيز؛ لكن بعد أن يكون المسلمون قد أدوا الثمن من دمائهم وأموالهم، ومن أمنهم في عيشهم واستقرارهم!... فليتق العامة من المسلمين الله في أنفسهم، لأنه لا يأبه لهم أحد من كل أولئك الناعقين!... لا يأبه لهم في الحقيقة، إلا نبيّهم صلى الله عليه وآله وسلم، الذي من حرصه عليهم، لم يترك شيئا مما سيعرض لهم من شر، إلا حذرهم منه، وبيّنه لهم، ودلّهم على الخير المقابل له!... وكيف لا يفعل -صلى الله عليه وآله وسلم- وهو من قال الله عنه: {لَقَدْ جَاءَكُمْ رَسُولٌ مِنْ أَنْفُسِكُمْ عَزِيزٌ عَلَيْهِ مَاعَنِتُّمْ حَرِيصٌ عَلَيْكُمْ بِالْمُؤْمِنِينَ رَءُوفٌ رَحِيمٌ . فَإِنْ تَوَلَّوْا فَقُلْ حَسْبِيَ اللَّهُ لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ عَلَيْهِ تَوَكَّلْتُ وَهُوَ رَبُّ الْعَرْشِ الْعَظِيمِ} [التوبة: 128، 129]. فإياكم أيها المسلمون أن تكونوا من المتوَلِّين!... واشكروا الله على نعمة بعث الرسول صلى الله عليه وآله وسلم فيكم، بزيادة تعلُّقكم بجنابه؛ فإنه لا يخيب من تعلَّق به، ولا يُضام!... |