انتهاء الاعتصام بعد
1255
يــــــوم
بسم الله الرحمن الرحيم. يُنهي شيخ الطريقة العمرية عبد الغني العمري الحسني، إلى علم الرأي العام، ومن بعده إلى علم أتباع الطريقة العمرية في أنحاء العالم، أنه: 1. قد عزم على إيقاف اعتصامه مع عائلته داخل بيته نهاية يوم الثلاثاء 15-5-2018م، بمناسبة حلول شهر رمضان الكريم لعام 1439ه. وللإشارة، فإن هذا الاعتصام قد بدأ يوم الاثنين 8-12-2014م، واستمر طيلة 1255 يوم. 2. سيغادر مدينة جرادة التي كانت محل اضطهاده وعائلته من طرف السلطات المحلية والأجهزة الأمنية، مع توظيف الأوباش والسفهاء من أهل المدينة في هذا العمل الشنيع. وسيكون مقر الشيخ المقبل إن شاء الله بمدينة سلا، مرفوقا بجميع أفراد عائلته. حرر بجرادة ليلة الأربعاء: 16-5-2018م. شيخ الطريقة العمرية: عبد الغني العمري الحسني
Translated
Sheikh's Books |
2020/11/14
قضية الصحراء من الناحية الشرعية
إن قضية الصحراء المغربية، ومنازعة جبهة البوليساريو للمغرب عليها، قد نالت حظها من التحاليل التاريخية والسياسية والاقتصادية، محليا ودوليا؛ حتى صارت إحدى قضايا هيئة الأمم المتحدة الدائمة. لكنها في المقابل، لم يُسلَّط عليها الضوء من جهة الشريعة الإسلامية، بما يكفي؛ مع أن المتنازعيْن معا على الإسلام؛ ومع أن دول الجوار عليه أيضا... ومع أن أمر الله قد ورد صريحا بخصوص الاحتكام إلى الله ورسوله، فإننا لم نسمع لعلماء المغرب الإسلامي حسّا في المسألة طيلة عقود. يقول الله تعالى: {يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا أَطِيعُوا اللَّهَ وَأَطِيعُوا الرَّسُولَ وَأُولِي الْأَمْرِ مِنْكُمْ فَإِنْ تَنَازَعْتُمْ فِي شَيْءٍ فَرُدُّوهُ إِلَى اللَّهِ وَالرَّسُولِ إِنْ كُنْتُمْ تُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ ذَلِكَ خَيْرٌ وَأَحْسَنُ تَأْوِيلًا} [النساء: 59]. ولن يعدم الراجعون إلى القرآن والسنة، وإلى علماء الأمة الصادقين، حكم الله في كل المسائل التي تعرض لهم، إن صدقت النوايا. ولكن بعكس المطلوب، فإن أطراف النزاع من أهل الإسلام، اكتفوا بالعودة إلى القانون الدولي، وإلى الدول العُظمى ذات حق "الفيتو". فأدى ذلك إلى وقوع الإقليم بأسره، تحت مساومات المغرضين، وتجاذبات السياسات المتقلبة؛ بحسب أهواء الأنظمة وأهواء الحكام... ونحن هنا سنبيِّن بعض الجوانب الشرعية في المسألة، حتى تكون بداية لمن شاء البناء عليها؛ فنقول وبالله التوفيق: 1. إن الأصل في الأمة الاجتماع لا الافتراق؛ يقول الله تعالى: {يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ حَقَّ تُقَاتِهِ وَلَا تَمُوتُنَّ إِلَّا وَأَنْتُمْ مُسْلِمُونَ . وَاعْتَصِمُوا بِحَبْلِ اللَّهِ جَمِيعًا وَلَا تَفَرَّقُوا وَاذْكُرُوا نِعْمَتَ اللَّهِ عَلَيْكُمْ إِذْ كُنْتُمْ أَعْدَاءً فَأَلَّفَ بَيْنَ قُلُوبِكُمْ فَأَصْبَحْتُمْ بِنِعْمَتِهِ إِخْوَانًا وَكُنْتُمْ عَلَى شَفَا حُفْرَةٍ مِنَ النَّارِ فَأَنْقَذَكُمْ مِنْهَا كَذَلِكَ يُبَيِّنُ اللَّهُ لَكُمْ آيَاتِهِ لَعَلَّكُمْ تَهْتَدُونَ . وَلْتَكُنْ مِنْكُمْ أُمَّةٌ يَدْعُونَ إِلَى الْخَيْرِ وَيَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَيَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنْكَرِ وَأُولَئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ . وَلَا تَكُونُوا كَالَّذِينَ تَفَرَّقُوا وَاخْتَلَفُوا مِنْ بَعْدِ مَا جَاءَهُمُ الْبَيِّنَاتُ وَأُولَئِكَ لَهُمْ عَذَابٌ عَظِيمٌ} [آل عمران: 102 - 105]. وليلاحظ القارئ، أن الأمر بالاجتماع، ذُكر مباشرة بعد الحض على الموت على الإسلام؛ والذي هو أساس كل خير في الدنيا والآخرة، قد يُصيب العباد أفرادا وجماعات؛ ليدل على مكانة الاجتماع من الدين، حتى لكأنّه أول فرض فيه. وهذا يعني أن الافتراق، مخالفة صريحة لأصول الإسلام، لا لفروعه كما قد يُظنّ. ولولا ذلك، ما كان الله ليتوعد المخالفين بالعذاب العظيم، في نهاية الآيات!... 2. إن الدول القطرية، أمر طارئ على الأمة الإسلامية؛ لذلك فإن اعتباره وحده، لا يكون من الفقه الصحيح، لدى الناظرين. ونعني من هذا، أن المغرب والجزائر وموريتانيا، كان يجدر بها أن تعمل على الوحدة فيما بينها؛ ولو من باب الانضواء تحت "اتحاد" كالذي نُظِّر له منذ عقود، ولم يقَدَّر له أن يرى النور على أرض الواقع؛ على أقل تقدير. أما نحن فلا نقنع بأقل من دولة فيدرالية، تجمع كل الغرب الإسلامي، في انتظار أن يأتي زمان الخلافة الجامعة؛ بالنظر إلى الظروف التي يمر بها العالم أجمع. 3. إن الصحراء المغربية، هي امتداد طبيعي جغرافي وتاريخي، لدولة المغرب. هذا، لأن ما يُسمى دولة الجزائر الآن، ودولة موريتانيا -نفسيْهما- لم تكونا معروفتيْن في الأزمنة الماضية بصفتهما المستقلة؛ فكيف يُزعم ذلك الآن للصحراء، وهي أقل منهما على كل حال؟!... 4. وحتى لو افترضنا -جدلا- أن المغرب -وهو دولة كبرى- قد ضم إليه الصحراء، في حال كونها مستقلة؛ فإن ذلك لا يُعدُّ في الشريعة احتلالا؛ لأن ضم الدولة الإسلامية لأطرافها، يدخل ضمن الوحدة التي يأمر بها الشرع. وأما القانون الدولي، فإنه قائم على مصالح الدول الكبرى؛ فهو لا يعتبر مصالح الشعوب المستضعفة، بغض النظر عن كونها محقة أم مبطلة. فكيف يُنتظر منه إعانتنا على العمل بأحكام شريعتنا بعدُ؟!... 5. إنّ تعلُّل إخواننا الصحراويين، بكون النظام المغربي، في بداية السبعينيات من القرن الماضي، لم يُحسن استقبال موفَديهم، ولم يُرحِّب بتبنِّي حركتهم التحرريّة؛ لا يصح أن يكون سندا لهم في الانفصال من الناحية الشرعية. وهو إن صح، يدخل ضمن الأخطاء السياسية التي وقع فيها المغرب، والتي يُمكن إصلاحها بكيفية من الكيفيات فيما بعد. 6. إن رعاية الجزائر للانفصاليين، لا مسوغ لها من الناحية الشرعية؛ خصوصا وأنها تترك الصحراويين في العراء منذ عقود، وكأنهم ليسوا إخوانا للشعب الجزائري في الإسلام. ولقد كان ينبغي لدولة الجزائر، إما أن تُدمج الصحراويين ضمن الشعب الجزائري، مع منحهم كافة الحقوق؛ وإما أن تردّهم إلى المغرب، الذي يريد أن يجعلهم مواطنين كاملي المواطنة. وهذا، لأن الصحراويين حيثما كانوا، فهم مسلمون بين إخوانهم؛ ولا يهم في النهاية أن يكونوا مغاربة أم جزائريّين. وأما ما نراه من معاملتهم وكأنهم غرباء بين أهلهم، تُوظَّف مآسيهم في عمليات ابتزاز للدول المحلية، تحت نظر قانون دولي لا يهتم لهم أو لغيرهم من الشعوب الضعيفة؛ فإنه يكون منكرا من الجهة الشرعية، يستوجب به فاعله أكبر الغضب من الله عز وجل؛ بالإضافة إلى كونه غباء كبيرا من الأنظمة المحلية، يرتهنها ويرتهن أجيالها المستقبلية لقوى عالمية لن ترحمهم. 7. إن تبنّي النظام الجزائري للبوليساريو، ليس إلا تدخلا في شؤون المغرب الداخلية، وعملا على كبح تنميته لأسباب لا يُمكن أن تكون شرعية. وذلك لأن المسلم فردا أو جماعة، لا بد له من أن يكون على محبة الخير للمسلمين جميعا، ولا بد له من التعاون معهم على ما هو من الخير العام. يقول الله تعالى: {وَتَعَاوَنُوا عَلَى الْبِرِّ وَالتَّقْوَى وَلَا تَعَاوَنُوا عَلَى الْإِثْمِ وَالْعُدْوَانِ وَاتَّقُوا اللَّهَ إِنَّ اللَّهَ شَدِيدُ الْعِقَابِ} [المائدة: 2]؛ ويقول النبي صلى الله عليه وآله وسلم: «لَا يُؤْمِنُ أَحَدُكُمْ حَتَّى يُحِبَّ لِأَخِيهِ مَا يُحِبُّ لِنَفْسِهِ!»[متفق عليه عن أنس]. وليس الشأن متعلّقا بما يكون من أخوة بين أفراد المؤمنين فحسب؛ بل هو من جهة الجماعات المسلمة، ومن جهة الدول، آكد وأوْلى؛ لأن جماعة المسلمين يُفترض في الأصل أن تكون واحدة. ولا يظنَّ أحد من حكام المسلمين، أنه لن يأثم، إن هو أضر بمسلم واحد من دولة أخرى؛ فكيف به إن تعدى ضرره إلى عدد كبير منهم؟!... ولو فقه الناس دينهم، لعلموا أن كف الأذى عن المسلمين، هو أوجب الواجبات؛ قبل أن ينخرط العبد فيما هو من العبادات!... ولولا هذا، ما جعل الله كف الأذى عن المسلمين صفة دالة على صحة إسلام الناس. يقول النبي صلى الله عليه وآله وسلم: «الْمُسْلِمُ مَنْ سَلِمَ الْمُسْلِمُونَ مِنْ لِسَانِهِ وَيَدِهِ»[متفق عليه، عن عبد الله بن عمرو، وعن جابر.]. وهذا يعني أن مؤذي المسلمين، يخاف على نفسه أن لا يكون منهم عند الله!... ولقد تهاون المسلمون بهذه الأحكام، في أزمنة الفتنة؛ وظنوا أن مخالفتها من الصغائر، وهي من أكبر الكبائر. 8. إن تغطية النظام الجزائري على أزمته الداخلية، بتصديرها إلى دول الجوار، لا تكون إلا مضاعفة لآثامه؛ لأنه سيكون غاشا لشعبه من جهة، ومضرا بجيرانه من جهة أخرى. هذا، وإنه يحرم على شعوب الإقليم وعلى حكامه جميعا، عمل ما يكون فيه إضرار بأحد الشعوب الإسلامية حيث كان. وإن موالاة دولة كافرة، مع التهاون فيما ذكرنا، لا يشهد إلا بنفاق من يصدر عنه هذا الفعل. يقول الله تعالى: {يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَتَّخِذُوا الْيَهُودَ وَالنَّصَارَى أَوْلِيَاءَ بَعْضُهُمْ أَوْلِيَاءُ بَعْضٍ وَمَنْ يَتَوَلَّهُمْ مِنْكُمْ فَإِنَّهُ مِنْهُمْ إِنَّ اللَّهَ لَا يَهْدِي الْقَوْمَ الظَّالِمِينَ . فَتَرَى الَّذِينَ فِي قُلُوبِهِمْ مَرَضٌ يُسَارِعُونَ فِيهِمْ يَقُولُونَ نَخْشَى أَنْ تُصِيبَنَا دَائِرَةٌ فَعَسَى اللَّهُ أَنْ يَأْتِيَ بِالْفَتْحِ أَوْ أَمْرٍ مِنْ عِنْدِهِ فَيُصْبِحُوا عَلَى مَا أَسَرُّوا فِي أَنْفُسِهِمْ نَادِمِينَ . وَيَقُولُ الَّذِينَ آمَنُوا أَهَؤُلَاءِ الَّذِينَ أَقْسَمُوا بِاللَّهِ جَهْدَ أَيْمَانِهِمْ إِنَّهُمْ لَمَعَكُمْ حَبِطَتْ أَعْمَالُهُمْ فَأَصْبَحُوا خَاسِرِينَ . يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا مَنْ يَرْتَدَّ مِنْكُمْ عَنْ دِينِهِ فَسَوْفَ يَأْتِي اللَّهُ بِقَوْمٍ يُحِبُّهُمْ وَيُحِبُّونَهُ أَذِلَّةٍ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ أَعِزَّةٍ عَلَى الْكَافِرِينَ يُجَاهِدُونَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ وَلَا يَخَافُونَ لَوْمَةَ لَائِمٍ ذَلِكَ فَضْلُ اللَّهِ يُؤْتِيهِ مَنْ يَشَاءُ وَاللَّهُ وَاسِعٌ عَلِيمٌ . إِنَّمَا وَلِيُّكُمُ اللَّهُ وَرَسُولُهُ وَالَّذِينَ آمَنُوا الَّذِينَ يُقِيمُونَ الصَّلَاةَ وَيُؤْتُونَ الزَّكَاةَ وَهُمْ رَاكِعُونَ . وَمَنْ يَتَوَلَّ اللَّهَ وَرَسُولَهُ وَالَّذِينَ آمَنُوا فَإِنَّ حِزْبَ اللَّهِ هُمُ الْغَالِبُونَ . يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَتَّخِذُوا الَّذِينَ اتَّخَذُوا دِينَكُمْ هُزُوًا وَلَعِبًا مِنَ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ مِنْ قَبْلِكُمْ وَالْكُفَّارَ أَوْلِيَاءَ وَاتَّقُوا اللَّهَ إِنْ كُنْتُمْ مُؤْمِنِينَ} [المائدة: 51 - 57]. وكل من يظن من الحكام (بالمعنى الذي يكون به الفرد أو جماعة من الأفراد أصحاب القرار السياسي في بلدهم) أن الاعتبارات السياسية، تسبق على الاعتبارات الشرعية في هذا المجال، فإنه يكون على ضلال كبير. ويكفي أن نعرف أن موالاة الكافرين على المسلمين، متسببة للعبد في الردة عن الإسلام، لنعلم خطورتها. ولا يظن أحد أن المعاملة بين دولتيْن، تختلف عن المعاملة بين فرديْن؛ لأن المطابقة في الحكم تزداد مع ازدياد العدد وتتأكّد. 9. ويحرم -من جهة أخرى- على الصحراويين، أن يجعلوا من أنفسهم أداة للإضرار بالمغرب؛ سواء أتعلّق الأمر بالدولة الجزائرية، أم تعلق بهيئة الأمم المتحدة نفسها. ولا عذر لهم في التأخر عن الالتحاق بإخوانهم داخل البلد، وإن ظنوا أن النظام المغربي لن يُحسن معاملتهم، أو أنه سيُنقص من حقوقهم؛ لأن الظلم في شرعنا (إن تحقق)، ليس مسوّغا للخروج على الحاكم، بخلاف ما يتوهمه أهل "الإسلام السياسي". يقول النبي صلى الله عليه وآله وسلم: «قَدْ تَرَكْتُكُمْ عَلَى الْبَيْضَاءِ لَيْلُهَا كَنَهَارِهَا لَا يَزِيغُ عَنْهَا بَعْدِي إِلَّا هَالِكٌ، وَمَنْ يَعِشْ مِنْكُمْ، فَسَيَرَى اخْتِلَافًا كَثِيرًا، فَعَلَيْكُمْ بِمَا عَرَفْتُمْ مِنْ سُنَّتِي وَسُنَّةِ الْخُلَفَاءِ الرَّاشِدِينَ الْمَهْدِيِّينَ، وَعَلَيْكُمْ بِالطَّاعَةِ، وَإِنْ عَبْدًا حَبَشِيًّا عَضُّوا عَلَيْهَا بِالنَّوَاجِذِ، فَإِنَّمَا الْمُؤْمِنُ كَالْجَمَلِ الْأَنِفِ حَيْثُمَا انْقِيدَ انْقَادَ!»[أخرجه ابن ماجة وأحمد والحاكم في المستدرك، عن العرباض بن سارية.]. وإن أَوْلى الدول بطاعة حاكمها في الإسلام، أقدمها من جهة التاريخ؛ وليست إلا المغرب. هذا في انتظار قيام دولة الخلافة، لا مطلقا؛ فلا ينبغي الخلط في هذه الأحكام!... 10. إذا دخل الصحراويون -ممن لا زالوا مفتونين- إلى المغرب، فلهم أن يطالبوا النظام المغربي بكافة حقوقهم؛ بالوسائل المشروعة، ومن دون إخلال بالأمن العام. بل إن على الشعب المغربي كله، مؤازرتهم، فيما يعود على الجميع بخيريْ الدنيا والآخرة. 11. إن كل من مات من إخواننا، وهو غير خاضع لنظام الدولة الإسلامية -وهذا حكم ينبغي دعوة الناس إليه- إما فيما هو متعلّق بالخلافة العامة، وإما فيما يتعلق بالدول القطرية وقتيا؛ فإنه يموت ميتة جاهلية بحسب بعده من الحكم الأصلي، لا على التمام. وذلك بحسب قرب الدولة المسلمة من نظام الحكم الإسلامي، وبعدها عنه. وإن حكم الدول الإسلامية بالقوانين الوضعية اليوم، لا يُخرجها على التمام من كونها دولا مسلمة؛ لأن الإسلام أصل فيها، والانحراف طارئ. وينبغي على المسلمين جميعا -وفي مقدمتهم علماء الدين- العودة إلى أحكام الإسلام عن قريب؛ لأن الوعيد في ذلك كبير. يقول الله تعالى: {وَمَنْ لَمْ يَحْكُمْ بِمَا أَنْزَلَ اللَّهُ فَأُولَئِكَ هُمُ الظَّالِمُونَ} [المائدة: 45]. ولقد رأينا من المسلمين في هذا الجانب تهاونا، لا يليق بهم؛ فليعملوا على الخروج منه سريعا، كما ذكرنا. هذا، وإن إخواننا من أهل الصحراء، يُفترض أن يكونوا أحرص على الدين من غيرهم؛ وهم أبناء العلماء وذرية الصلحاء، وبقية أهل البيت عليهم السلام. ونحن على ثقة، من أنهم في النهاية لن يختاروا لأنفسهم، إلا ما يليق بهم من الكرامة والعزة. نسأل الله أن يُذهب الشياطين عنهم، وأن يرزقهم البصيرة في كل أمورهم، وأن يُلحقهم بالمجاهدين من آبائهم وأجدادهم؛ كما نسأل الله أن يغفر لنا ولهم، ولإخواننا من الجزائريين والموريتانيين، وأن يُقْدِرنا على معاملتهم بما يليق بهم فيما يأتي من الأيام. جعلنا الله جميعا، بفضله، إخوانا على الخير متعاونين؛ وللشر والفُرقة نابذين؛ وأرضى عنا جميعا نبيَّنا صلى الله عليه وآله وسلم؛ وجعل المغرب الإسلامي سباقا إلى جمع شمل الأمة، بجاه أوليائه وأصفيائه على مر القرون؛ إنه أهل ذلك والقادر عليه. والحمد لله رب العالمين. |