انتهاء الاعتصام بعد
1255
يــــــوم
بسم الله الرحمن الرحيم. يُنهي شيخ الطريقة العمرية عبد الغني العمري الحسني، إلى علم الرأي العام، ومن بعده إلى علم أتباع الطريقة العمرية في أنحاء العالم، أنه: 1. قد عزم على إيقاف اعتصامه مع عائلته داخل بيته نهاية يوم الثلاثاء 15-5-2018م، بمناسبة حلول شهر رمضان الكريم لعام 1439ه. وللإشارة، فإن هذا الاعتصام قد بدأ يوم الاثنين 8-12-2014م، واستمر طيلة 1255 يوم. 2. سيغادر مدينة جرادة التي كانت محل اضطهاده وعائلته من طرف السلطات المحلية والأجهزة الأمنية، مع توظيف الأوباش والسفهاء من أهل المدينة في هذا العمل الشنيع. وسيكون مقر الشيخ المقبل إن شاء الله بمدينة سلا، مرفوقا بجميع أفراد عائلته. حرر بجرادة ليلة الأربعاء: 16-5-2018م. شيخ الطريقة العمرية: عبد الغني العمري الحسني
Translated
Sheikh's Books |
2012/11/05
الرد على د. علي الشبل (6)
الشاذلية: أبو الحسن الشاذلي مغربي انتقل إلى الإسكندرية، ولم يكن من أهل الشام؛ وإنما وصل إلى الشام بعد حجه في رحلة بحثه عمن يسلك به إلى الله. وأما قوله الذي يحكيه الدكتور: "لولا لجام الشريعة على لساني، لأخبرتكم بما يكون في غد وبعد غد إلى يوم القيامة"، فإن ثبت عنه أنه قاله فصحيح؛ من جهةٍ، فإن هؤلاء السادة عدول، لا ينطقون بغير الصدق؛ ومن جهة أخرى فإن العلم الذي يؤتيه الله عباده لا يعلمه إلا هو. والمسارعة في تكذيب الأقوال لمجرد أنها تخرج عن معتاد العامة، سوء أدب كبير مع الله، وجهل بالحقيقة. وإن الله عندما يقول: {وَلَا يُحِيطُونَ بِشَيْءٍ مِنْ عِلْمِهِ إِلَّا بِمَا شَاءَ}[البقرة: 255]، قد أفهمنا أنه يُطلع من يشاء من عباده على ما يشاء سبحانه من علمه. وقد يُطلع هذا بما يغيب عن ذاك؛ والمشيئة لا قيد عليها. ومن يكذّب عبدا فيما يدعيه من علم من غير دليل، فإنما يكذب الله فيما أخبر به عن نفسه؛ فلا يبقى له من سند إلا كبره وسوء ظنه. وإن الله عندما يقول في حق الخضر عليه السلام: {وَعَلَّمْنَاهُ مِنْ لَدُنَّا عِلْمًا}[الكهف: 65]، فإنه لم يُخبرنا جل وعلا أن هذا التعليم انحصر فيه، حتى لا يكون لأحد غيره فيه مدخل! وإذا كان الله يعلّم عباده من لدنه، فهو إذن عِلم الله عندهم؛ وإذا كان العلم علم الله، فهل يستطيع العباد أن يعلموا مُتعلّقه أو مقداره؟! كلا!.. مع الاختلاف الذي بين العباد المعلَّمين بمقتضى حكم المشيئة التي سبق أن ذكرناها. فلم يبق لمنكِر العلوم التي يختص بها الله أولياءه، إلا أن يكون إنكاره عن حسد، أو عن ضعف إيمان بما جاء في القرآن؛ وكلاهما داءان من أدواء القلوب التي فرض الله السعي إلى إزالتها بأسبابها المشروعة، التي من جملتها الصحبة في الله. أما رد ابن تيمية الذي لا يفضح إلا صاحبه، على حزب الشاذلي الذي يذكره الدكتور، فهو مليء بالجهالات. وكل ما يراه ابن تيمية ومن يتبعه في مذهبه، كفرا وشركا؛ فإنما هو من قصور فهمه وضحالة علمه. ولقد رددنا على رده ذاك ضمن كتاب نرجو الله أن ييسر خروجه إلى الناس. وأما ما ذكره الدكتور من فهم للشاذلي رضي الله عنه، في قول الله تعالى: { مَا نَنْسَخْ مِنْ آيَةٍ أَوْ نُنْسِهَا نَأْتِ بِخَيْرٍ مِنْهَا أَوْ مِثْلِهَا }[البقرة: 106]، فصحيح ولا يخالف ظاهرا حتى يُنكر. وفهم باطن القرآن ليس نقصا في الفهم وإنما هو كمال؛ إلا إن كان هؤلاء المنكرون يُنكرون الباطن جملة، فإنه يكون إذ ذاك جهلا بحقيقة القرآن. وقد قلنا سابقا إن الظاهر صنو الباطن لا ينفك عنه. ولقد كان الصوفية دائما عبر العصور، أفهم الخلق للقرآن وأحدثهم به صلة؛ لأن معاني القرآن لا تنحصر في زمن من الأزمنة الماضية، بل هي متجددة لا ينضب معينها. كيف ينضب وقد قال الله تعالى: {قُلْ لَوْ كَانَ الْبَحْرُ مِدَادًا لِكَلِمَاتِ رَبِّي لَنَفِدَ الْبَحْرُ قَبْلَ أَنْ تَنْفَدَ كَلِمَاتُ رَبِّي وَلَوْ جِئْنَا بِمِثْلِهِ مَدَدًا}[الكهف: 109]. كل هذا، إن كان هذا الفهم المتجدد لا يُصادم ظاهر القرآن؛ وإلا رُدّ على صاحبه. وأما من يدّعون مذهب السلف، ويتمسكون بما فهمه الأولون دون أن يتعرضوا لفهم جديد في زمانهم، فكأنهم يقولون: - إن الله، قد نفدت خزائن علمه، فما علّمه الأولين هو كل ما يُمكن أن يُعلمه أحدا من خلقه؛ وما أفهمه السابقين، هو نهاية ما يبلغه فهم فاهم. سبحان الله عما يصفون. - إن بني آدم المخاطبين بالقرآن قد مضى زمانهم، وما بقي إلا بهائم على صورة الآدميين الآن، لا يمكنهم فهم خطاب الله لهم. وهذا تحقير لأنفسهم ولمن يعيش في زمانهم معهم. ولقد أخبر النبي صلى الله عليه وآله وسلم أنه لن تزال طائفة من أمته ظاهرين على الحق. فهل سيعرفون الحق من خارج القرآن؟! هذا لا يكون أبدا!.. والغلط الشائع في هذا الباب، هو أن الناس يعتقدون أن معاني القرآن منحصرة فيما جاء في التفاسير المعروفة؛ وبهذا الاعتقاد، فإنهم يغلقون باب الفهم عن الله؛ وما أشده من حرمان! ثم إن الفهم في القرآن، يأتي عند رفع الأقفال التي أخبر عنها سبحانه في قوله: {أَفَلَا يَتَدَبَّرُونَ الْقُرْآنَ أَمْ عَلَى قُلُوبٍ أَقْفَالُهَا}[محمد: 24]. وهذه الأقفال لا تُرفع إلا بالتزكية على النهج النبوي. والدليل هو أن الفهم عن الله في كتابه، لم نره إلا عند أهل الله. وأما التفاسير المتأخرة، فإنها ليست فهما، وإنما هي فكر من نتاج العقل البشري بما فيه من ظلمة. لذلك تكون هذه التفاسير أحيانا بعيدة عن الحق إلى الحد الذي تناقض فيه أصول الدين. وهذا أمر لا يتفطن إليه إلا ذوو البصائر النيّرة. أما إنكار الدكتور على فهم الهروي في قول الله تعالى: {الرَّحْمَنُ عَلَى الْعَرْشِ اسْتَوَى}[طه: 5]، وزعمه أن قوله إن الرحمن استوى على عرش قلوب أوليائه، تعطيل لمعنى الاستواء على العرش، فهو جهل؛ لأن العالم هو الإنسان الأكبر، والإنسان هو العالم الأصغر؛ وكل ما في العالم هو في الإنسان على المطابقة التامة. فإن ذكر الهروي عرش القلب، فإنما ذكر مظهر العرش في الإنسان؛ فأين التعطيل؟! والقائل بالتعطيل هنا كأنه يقول، من قال إن الرحمن على العرش استوى، فقد عطل الاستواء على العرش. فيكون نافيا لما يُثبته. وهذا أقصى ما يكون من الجهل بالخطاب! وسبب وقوع هؤلاء في مثل هذه الشناعات، هو كون المعلومات عندهم مفكوكة لا اتصال بينها، لغياب النور الذي يبصرون به النِّسب. والمصيبة أنهم يصرّون على بقائهم في الظلمة، مع دعواهم طلب العلم. فليت شعري، أي علم يطلبون؟! الخضر عليه السلام ولي وليس نبيا؛ لكن الدكتور يصعب عليه أن يصدّق أن وليا يأتيه الوحي من عند الله، كما أخبر الله عن الخضر في قوله تعالى: {وَمَا فَعَلْتُهُ عَنْ أَمْرِي}[الكهف: 82]. والسبب أن عقل الدكتور لا يعلم إلا بسائط الأمور، فإن اشترك أمران عنده في صفة جامعة، اختلطت عليه المعاني، وانهد كل علمه. لذلك ما وجد مخرجا إلا أن يجعل الخضر نبيا، مع كون الاختلاف فيه واقع حتى بين أهل التفسير الظاهر. فانظر أثر المقام في العلم! ولقاء الخضر للأولياء معلوم بلغ حد الشهرة. بل إن الأولياء يلتقون الأنبياء عليهم السلام ويلتقون غيرهم من الأولياء سواء أكانوا أحياء أم أمواتا. وهذا يدل على أن الولي غير مقيد بما يقيّد به الغافلون من زمان ومكان. يقول الدكتور: "لهذا، الصوفية عندهم علم لدني"؛ فهل هو يُنكر هذا العلم من أصله، فيكون كافرا؛ أم هو يقصره على الخضر وحده فيكون جاهلا؟! لأن ما ثبت لواحد من الناس، يجوز تعديه إلى غيره إن كانت المرتبة واحدة، ولم يُنص على المنع. ونحن نؤكد على أن الخضر من الأولياء لا من الأنبياء؛ فما الذي يمنع أن يكون لغيره من الأولياء علم لدني؟! والعجيب من الدكتور عندما يذكر قول القائل: "حدثني قلبي عن ربي"، أنه يقول عنه: إسناد مظلم! فهل أصبح الانقطاع عن الله هو غاية الدين؟! وهل أصبح الأصم يعيب على السميع؟ والأعمى على البصير؟ ومن الأحق بالظلمة، من يتلقى الإلهام عن ربه، أم من هو كالبعير لا يفقه إلا صوتا يدله على المسير، وآخر يدله على التوقف؟! بل إننا نجزم أن دينا لا يصل العبدَ بربه، لتركه أولى عندنا من اتباعه! ولو لم تكن الغاية من الدين بلوغ هذه المرتبة، ما كان الدين من أصله! فهل يظن هؤلاء أن الله يدل على غيره سبحانه؟ أو أنه يشرع لعباده الشرك؟ كلا، والله! وقياس هؤلاء الغافلين الدين على ما يُدركه منه العامة هو قياس غلط؛ لأن الدين لا يتحقق به على التمام إلا الأنبياء والورثة، أما العامة فهم متشبهون بهم فحسب؛ لأنهم لا علم لهم بما ينطوي فيه من أسرار تتصدع لها الجبال. وإن كان الله قد شمل برحمته المتشبهين وجعل لهم أجرا على تشبههم، كما يتشبه الصبيان بالعابدين، فهذا لا يُجيز لأحد أن يقيس على الخواص بمبلغ علم العوام. ولقد شاعت هذه الآفة في الأمة، إلى أن أصبح السفل غاية المطلب، والعلو منكرا يُرهب. فاللهَ اللهَ في هذا الدين!.. وصاحبنا نموذج لهؤلاء العامة الذين أصبحوا يحكمون على أقوال الخاصة، ويُصوبونها حسب زعمهم. يُنكر أخذ الأولياء عن الله ورسوله، ويُكذبهم فيما يُخبرون، ويبرئ الدين مما يقولون؛ كأن له علما بالدين! من أين له علم بالدين، وهو في البعد مقيم؟! من أين له علم بالدين، وهو لا سند له في العلم إلا أمثاله من المخلوقين؟! من أين له علم بالدين وهو ممن قال الله فيهم: {وَالَّذِينَ كَذَّبُوا بِآيَاتِنَا صُمٌّ وَبُكْمٌ فِي الظُّلُمَاتِ}[الأنعام: 39]. يكذب بالآيات المكتوبة، عندما يحرف معناها حتى توافق وهمه؛ ويكذب بالآيات المخلوقة، عندما يجحد ولاية الأولياء! فكيف يكون من هو في الظلمات حجة على أهل النور؟! هذا لا يستقيم إلا في عرف الحمقى! مقارنة الدكتور بين الطريقة الأحمدية التي تُنسب إلى الشيخ أحمد البدوي رضي الله عنه، وبين الأحمدية التي تُنسب إلى ميرزا غلام، هو بهتان؛ يُسأل عنه بين يدي الله! إذ كيف يُسوّى أهل الحق بأهل الضلال، ألمجرد التشابه في الأسماء؟! ما سمعنا بهذا المنطق إلا عند هؤلاء المغرضين، الذين لا يدخرون وسعا في محاربة أهل الله! البريلوية: ادعاء الدكتور أن الوهابية أهل السنة والجماعة باطل؛ بل هم مبتدعة لشر بدعة عقدية يسمونها عندهم توحيدا. وبدع الأعمال التي عند باقي المسلمين هي بجانب بدعة الوهابية كصغار الذنوب إلى جنب الكبائر. بل إن الوهابية فعلوا ما لم تستطعه الشياطين قبلهم، وهو جعل الشرك أمرا مشروعا يُدافَع عنه ويُدعى إليه. نعم، قد لا يُدرك بعضهم ذلك بسبب عمى بصائرهم، فيظنون أننا نفرُط عليهم؛ والواقع هو ما نقول! علم ذلك من علمه، وجهله من جهله. بل إن دين الوهابية تمجه الفِطر السليمة عند الأميين والصبيان من غير أن يعلموا لذلك سندا من العلم. وإن البلاء ينزل على كل بلد هم ساكنوه ولا يُردعون فيه؛ وإن الإجابة ممنوعة عن كل جماعة يكونون فيها، ولا يُسكتون فيها. إن هذا المخلوق العجيب، يتعجب من كون الرسول صلى الله عليه وآله وسلم خُلق من نور! ويرى هذا من الغلو! والله إني لأمسك نفسي أن أصفه بما يليق به! ألم يعلم أن الخلق كلهم مخلوقون من نور؟! فما معنى قول الله إذن: {اللَّهُ نُورُ السَّمَوَاتِ وَالْأَرْضِ}[النور: 35]. وهل السماوات والأرض وما فيهن، غير ما نعلم؟! فإن كان كل المخلوقات أصلها من نور، أفلا يكون سيد الخلق أجمعين صلى الله عليه وآله وسلم من نور؟! بل هو النور الأصلي الذي انبثق عنه كل نور! ولكن الدكتور ليس له بصيرة يعلم بها هذا، وإنما له عين ترابية لا تعرف إلا التراب! نعني ظاهره، وأما حقيقته فهي نور! نعم، قد يختلط الأمر على من لا علم له ويقول: إن من المخلوقين، الكافرين والشياطين، فكيف يكون أصل هؤلاء نورا؟! فنقول: إن النور الأصلي ثابت للجميع، وما ذكرت من صفات ذمها الشرع، فهي أحكام تأتي في المرتبة الثانية في الاعتبار. ومن لا يميز هذه المراتب، فإنه سيعسر عليه فهم ما نتكلم فيه. أصار دعاء المؤمن أن يجعل الله النبي صلى الله عليه وآله وسلم قرة عينه بدعة؟! وقد جاء في الحديث عن عبد الله بن هشام أنه قال: كنا مع النبي صلى الله عليه وسلم وهو آخذ بيد عمر بن الخطاب، فقال له عمر يا رسول الله لأنت أحب إلي من كل شيء إلا من نفسي! فقال النبي صلى الله عليه وسلم: « لَا وَالَّذِي نَفْسِي بِيَدِهِ، حَتَّى أَكُونَ أَحَبَّ إِلَيْكَ مِنْ نَفْسِكَ»، فَقَالَ لَهُ عُمَرُ: فَإِنَّهُ الْآنَ وَاللَّهِ لَأَنْتَ أَحَبُّ إِلَيَّ مِنْ نَفْسِي! فَقَالَ النَّبِيُّ صَلّى اللهُ علَيْه وسَلّمَ: «الْآنَ يَا عُمَرُ! »[رواه البخاري في صحيحه]. فهل هذا، إلا ما سأله أولئك المؤمنون؟! وعجبا لمن يزعم أنه على مذهب السلف، كيف يُخالفهم في الأصول؟! اللهم إلا أن يكون سلفهم أبو جهل وأبو لهب!.. نعوذ بالله من الخذلان! التيجانية: أصل الخلوة كما يدل عليه اللفظ الاختلاء لا تحفيظ القرآن؛ لأن التحفيظ لا يتطلب الاختلاء. والخلوة تُتخذ عند من يعتمدها في التربية لجلاء القلوب من أكدار المخالطة؛ خصوصا في الأزمنة المتأخرة التي لا يكاد يسلم أحد فيها من فتنة أو بلاء. والخلوة لا تكون خلوة إلا مع الذكر المأذون الذي يُذكر تحت نظر شيخ واصل؛ وإلا فقد يكون ضررها أكبر من نفعها. وإيهام الدكتور الناس بالقول أن الخلوة تضارّ العناية بالقرآن، بهتان! وذلك أن الصوفية مع اتخاذهم الخلوات، هم من أشد المسلمين عناية بالقرآن. وبلاد السودان والغرب الإفريقي من أكبر الأدلة على هذه العناية! وما هذه إلا فضيحة أخرى يضيفها الدكتور إلى سجله. أما صلاة الفاتح على النبي صلى الله عليه وآله وسلم، وغيرها من الصلوات المأثورة عن الصوفية، فجائزة شرعا؛ لأنها لم تحل محل صلاة مسنونة في عبادة توقيفية، وإنما هي من الصلوات النافلة التي ينقل فيها أهل الله مشاهدهم في النبي صلى الله عليه وآله وسلم وعلومهم، إلى غيرهم من الناس في قوالب لغوية يتقربون بها إلى الله ورسوله. وإن تلك الصلوات لا يُمضيها أصحابها إلا بموافقة النبي صلى الله عليه وآله وسلم. وأما القول أن قراءة صلاة الفاتح تعدل قراءة القرآن 6000 مرة فباطل، لأن القرآن لا يعدله شيء! وإن كان أحد الجهلة من أتباع الطريقة قد قال ذلك، فإنه يُرد عليه ويُرد هو إلى الحق، وإلا كفر! أما زعم أن صلاة الفاتح بها شرك أكبر، فباطل أيضا. والدكتور وأضرابه من الوهابية لا أهلية لهم للكلام في التوحيد والشرك، حتى يعرفوا الشرك عند غيرهم. وإنما ما يعدونه شركا هو تعظيم النبي صلى الله عليه وآله وسلم بما هو له أهل. وما مثل هؤلاء مع المؤمنين، إلا كمن انطفأ سراجه، فهو يسعى في إطفاء سُرُج الآخرين. أما الكلام في وحدة الوجود، فهو فوق طور الدكتور، ومصطلح وحدة الوجود لا ينطبق على معاني أهل الله، وإنما هو ينطبق على غيرهم من القائلين بوجودين ممن يعدون أنفسهم من أهل السنة والجماعة كالأشاعرة والماتريدية. أما الوهابية فإن مذهبهم أفظع من وحدة الوجود، لأنهم يعتقدون بوجودين منفصلين؛ أي لا وحدة لهما. وهذا هو الشرك الصريح الجلي الذي لا شبهة فيه. وسبب وقوعهم في هذا الشرك، هو اعتمادهم على عقولهم في فهم الوحي؛ فكانوا ممن أضلهم الله على علم. يقرأون القرآن فلا يزيدهم إلا بعدا؛ كما أخبر الله عن قوم فقال: {وَالَّذِينَ لَا يُؤْمِنُونَ فِي آذَانِهِمْ وَقْرٌ وَهُوَ عَلَيْهِمْ عَمًى أُولَئِكَ يُنَادَوْنَ مِنْ مَكَانٍ بَعِيدٍ}[فصلت: 44]. إنكار الدكتور للذوق الذي هو مشترك بين الطرائق الصوفية، هو إنكار للعلم كله، لأن أصح العلم علم الذوق؛ أما العلم المجرد، فلا يُعتد به عند أهل الطريق. وعلم الأنبياء والورثة كله علم ذوق، لا مدخل لغيره فيه. وأغلب الظن أن صاحبنا لا يعلم معنى الذوق، فلذلك يُنكره. والذوق هو التجربة في النفس، كمن جرب حرق النار وألمه، فإننا نقول عنه قد ذاق الحرق. أما من يعلم أن النار تحرق، ولم يجرب ذلك من نفسه، فهو صاحب علم مجرد. وعلى هذا، فالعلم المذكور في الوحي، كله ذوقي. ولما صار أهل الدين يستعيضون عن الذوق بالعلم المجرد، دخلت عليهم الظلمة من الفكر، وأنتجت لهم الضلالات المختلفة. ومن هؤلاء الضالين بل المغضوب عليهم، الوهابية أنفسهم. وأما ما يسميه الدكتور غلوا في النبي صلى الله عليه وآله وسلم، في كتاب دلائل الخيرات، فهو من ظلمته وإبائه الخضوع لمن خضعت له بعد الله الأكوان. ومن كان فاقدا للبصر من العميان، فلا يلُم المبصرين على النظر والعيان! وأما نسبة الشر إلى قصيدة البردة للإمام البوصيري، وتنزيه المكان (المسجد) والمؤمنين عن ذكر بعض أبياتها، فهو قلة حياء بعد خواء إيمان. وتنزيه الله عما في الأبيات من حقائق، هو من جهل هذا الخليّ بأنه سبحانه، هو من وهب عبده ورسوله صلى الله عليه وآله وسلم تلك المكانة. وما نرى هؤلاء الوهابية التيمية إلا يصدق عليهم قول الله تعالى: {وَتَرَاهُمْ يَنْظُرُونَ إِلَيْكَ وَهُمْ لَا يُبْصِرُونَ}[الأعراف: 198]. أما قول هذا الجاهل: إذا كان يعلم ما في اللوح والقلم، فما الذي بقي لله عز وجل؟! فإنا نرد عليه: لو كان لك بعض علم بالله، لعلمت أنه سبحانه يعلم ما في اللوح والقلم وما يخرج عنهما؛ ولكن لما كان علمك بالله لا يجاوز علمك بأحد العباد أمثالك، فإنه لا يسع ما سمعت من أبيات. ولا أرى لك مثلا إلا ما سمعت من أحد الأشخاص عن بعض أهل البادية. قال: جاءهم شخص، وصار يكلمهم عن الله ويثني عليه بما هو أهله، وأحد الحاضرين يبدو عليه الاهتمام بالكلام، يسمعه ويتابعه إلى أن انتهى المتكلم من كلامه. فقال له الرجل البدوي: لا أظن الله حسب ما ذكرتَ، إلا رجلا صالحا! فليعلم هذا الدكتور أنه لا يُجاوز هذا البدوي إلا بما ينمقه من العبارة؛ وأما العلم فهما فيه سواء. وإن كان الدكتور يحذر من الغلو، فإننا نحذر نحن من الخلوّ. ويختم علامة الزمان كلامه بقوله إن الصوفية أعدى ما يكونون للعلم؛ وكأن ما يهرف به علم! ونحن نجزم أنه إذا قرأ كلام أهل الله لن يفقه منه شيئا! إذ كيف يفهم البليد عن الحكيم؟! أم كيف يُدرك أسرار البيان من لا يعلم إلا لغة السوقة؟! (يُتبع...) |