انتهاء الاعتصام بعد
1255
يــــــوم
بسم الله الرحمن الرحيم. يُنهي شيخ الطريقة العمرية عبد الغني العمري الحسني، إلى علم الرأي العام، ومن بعده إلى علم أتباع الطريقة العمرية في أنحاء العالم، أنه: 1. قد عزم على إيقاف اعتصامه مع عائلته داخل بيته نهاية يوم الثلاثاء 15-5-2018م، بمناسبة حلول شهر رمضان الكريم لعام 1439ه. وللإشارة، فإن هذا الاعتصام قد بدأ يوم الاثنين 8-12-2014م، واستمر طيلة 1255 يوم. 2. سيغادر مدينة جرادة التي كانت محل اضطهاده وعائلته من طرف السلطات المحلية والأجهزة الأمنية، مع توظيف الأوباش والسفهاء من أهل المدينة في هذا العمل الشنيع. وسيكون مقر الشيخ المقبل إن شاء الله بمدينة سلا، مرفوقا بجميع أفراد عائلته. حرر بجرادة ليلة الأربعاء: 16-5-2018م. شيخ الطريقة العمرية: عبد الغني العمري الحسني
Translated
Sheikh's Books |
2012/11/01
الرد على د. علي الشبل (2)
القول إن الصوفية حلولية: وقياس اعتقادهم على اعتقاد الأشاعرة بأن الله في كل مكان، يشتمل على أمور ينبغي تصويبها أو توضيحها هي: 1. إن الصوفية يخالفون المتكلمين في طريق التعرف؛ فبينما يسلك المتكلمون طريق المعرفة العقلية، تسلك الصوفية طريق الذوق (الذوق هو التجربة في النفس لا ما يُفهم من التذوق). والطريقان مختلفان، لا يجوز الخلط بينهما لمن كان ذا علم. 2. قول القائلين من أهل الكلام: إن الله في كل مكان، لا يليق؛ لأن فيه رائحة التحيز، وإن قُصد منه التنزيه. 3. واضح أن الدكتور الشبل على مذهب من يقول: إن الله في السماء. وأخذ هذا القول على ظاهره يفيد التحيّز؛ وهو معنى باطل لا يليق بجناب الحق؛ أما أخذه على مدلوله المعنوي الذي هو العلو والرفعة والهيمنة، فصحيح. وأصحاب هذا القول، وإن ظنوا أنهم مخالفون للمتكلمين، فما خالفوا طريقهم باعتمادهم العقل وسيلة إلى المعرفة. وتوهمهم هذه المخالفة، جاءهم من التزامهم النص (الوحي)؛ لكن فاتهم أن إدراك معانيه لا يكون من العقل. وهذا الخلط دخل عليهم من إذن الله للفقهاء باستعمال الفكر في استنباط الأحكام؛ فظنوا أن ما ينفع في الاستنباط، ينفع في المعرفة، فأخطأوا. وعلى هذا، فإن من يقول عن الصوفية حلولية، فإنه يُجانب الصواب، ويفتري عليهم. أما المتصوفة، فقد يكونون على عقائد المتكلمين، ويزعمون أنهم سالكون للطريق. وهذا الجمع بين الطريقين لا يصح، إلا إذا كان المرء منهم مبتدئا لا يُميّز المعاني، فإنه إذ ذاك يُصوّب مساره شيئا فشيئا عند قطعه لمقامات الطريق. القول إن الصوفية باطنية: هذا الزعم يأتي من اختلاط معنى الباطن بالباطنية؛ وإن كانت النسبة اللغوية صحيحة للباطنية إلى الباطن، فإنها من حيث الدلالة يُقصد منها خلاف ذلك. والصوفية عند ادعائهم علم الباطن صادقون، لأن الباطن صنو الظاهر في المعاني؛ وهو اسم من أسماء الله، له مدخل في كل تجلّ من التجليات. وأما الباطنية، فيُقصد منها طائفة زعموا أن للدين (والوحي من جملته) معاني تخالف الظاهر، فجعلوها بديلة لظاهر الدين، فكفروا. فوقع هؤلاء في عكس ما وقع فيه من يُنكر أن للدين باطنا. والحق هو في الجمع بين المعنيين، من غير أن يُبطل أحدهما الآخر؛ إيفاءً لمعنيَي الاسمين الظاهر والباطن حقهما. ولعل الدكتور ممن يُنكر باطن الدين، ويظن أنه على الصواب؛ في حين أنه في الطرف المقابل للباطنية الذين يُنكر عليهم، وهو لا يشعر. وقد زعم الدكتور غلطا أن الحلاج والسهروردي وابن العربي كانوا من الباطنية، والحقيقة أنهم على غير ذلك؛ لكنه لا يُميّز ما يقول. فهؤلاء السادة وغيرهم من أمثالهم، من أهل الباطن (مع الظاهر)، لا من الباطنية. وكون الحلاج مات مقتولا، فهذا لا يعني أنه ليس شهيدا؛ فعلى الأقل ينبغي أن يكل المرء العلم فيه إلى الله. وقتله لم يكن انتصارا للشريعة من كل وجه، بل كانت له جوانب سياسية، على الدكتور أن لا يُغفلها. وأما الشيخ الأكبر رضي الله عنه، فاسمه محمد بن العربي بالتعريف لا بالتنكير. والكلام في التفريق بينه وبين ابن العربي الفقيه، هو تلفيق من المغرضين الذين لا يتركون بابا من التنقيص في أهل الله، من شدة معاداتهم للحق. وهذا الأمر، لا ينبغي أن يخضع لأهواء المتلاعبين، لأنه من التاريخ المحض. وأما الشتم الذي لجأ إليه الدكتور في حق الشيخ الأكبر، فليعدّ له جوابا بين يدي الله، إن كان يؤمن بالله واليوم الآخر حقيقة. وهو أسلوب يخرج عن أسس العلم، حتى نرد عليه. زعْم الدكتور أن التصوف اختلط بالكلام، يؤكد على الأصل الذي أقررناه سابقا، وهو أن طريق التصوف مخالف لطريق أهل الكلام. وأما هذا الاختلاط الذي يتوهمه صاحبنا، فلعله جاءه من نظره في كتب القوم ووقوعه على مصطلحات أهل الكلام فيها. وهذا قد يحدث منهم إذا أرادوا التعبير عن معنى، يشاركهم فيه أهل زمانهم من حيث علم الكلام أو من حيث الفلسفة أيضا في بعض الأحيان. وهذا منهم، فتح لأبواب الفهم عنهم لدى غيرهم؛ وهو من التواصل المحمود، الذي كانوا سيُنتقدون عليه ربما لو هم تركوه. ولكن المتحامل يرى الحسنات سيئات، كما قيل: وعين الرضى عن كل عيب كليلة كما أن عين السخط تُبدي المـَساويا القشيري والغزالي: الاستشهاد بأقوال ابن تيمية في هذه المسائل، من غير نقدها بمعايير العلم الثابتة، لا يصح؛ وهو عندنا من الهوى البيّن. والحق عندنا في هذا، أن ابن تيمية لا يبلغ درجة هؤلاء الرجال في العلم حتى يُحتج به عليهم. وهو إن لُقّب عند قوم بشيخ الإسلام، فإننا نفهم منه نحن أنه لا يتجاوز مرتبة الإسلام من الدين. وتبقى مرتبتا الإيمان والإحسان لديه مجهولتين من حيث الذوق لا من حيث العلم المجرد. والعبرة عندنا نحن هي بالذوق في إثبات المقامات والمراتب. والسبب في عدم كمال دين ابن تيمية الذي نؤكد عليه، هو دخوله فيما لا يُحسن؛ ومن يفعلْ ذلك، يكن جزاؤه الحرمان من الترقي. هذه سنة الله في عباده إلى أن تقوم الساعة! وذلك، لأن الله يرتضي لعباده التقرب إليه بأدب. كيف لا، وهو سبحانه الملك الحق؟! وابن تيمية، أساء الأدب كثيرا، فعوقب بالحرمان. وكل ما قاله في الرد -حسب زعمه- على أهل الله، لا أساس له من الحق. والمجال هنا لا يتسع، حتى نبين ضلالاته بالتفصيل؛ ولعل أن يُيسر الله تمام كتابٍ قد بدأناه، نبلغ فيه بعض ذلك إن شاء الله. لم يذكر الدكتور وجه تأثير هذين الإمامين في التصوف، حتى نعلم صحة قوله، وإنما عمم؛ والتعميم لا يفيد علما هنا. هذا، مع جزمنا أن التصوف الذي هو تحقيق الدين، لا يمكن أن يضيف إليه أحد أو ينقص منه؛ لأنه ليس مذهبا فكريا (أيديولوجيا) يختمر مع مرور الزمن ويتطور. نعم، قد يكون في بعض الأزمنة أظهر منه في غيرها؛ وهذا لا يعني أنه ليس هو، أو أن شيئا زيد عليه أو أُنقص منه؛ وإنما يكون ذلك متعلقا بمدى التدين عند الناس، بالمعنى الكامل؛ لا بأحد المعاني الجزئية. عبد القادر الجيلاني: استعمال لفظ "طرق" غلط، لأن جمع طريقة هو "طرائق" لا طرق. وذلك لأن الطريق عندنا لا تعدد فيه، من كونه هو الدين نفسه؛ أما الطرائق، فهي مذاهب اجتهادية تربوية على الطريق. وهذا الوجه لا بد أن يقع فيه الاختلاف، بسبب اختلاف الاستعدادات واختلاف الظروف. وهذا الاختلاف يرجع في المرتبة الأولى إلى الشيخ، وما يمتاز به عن غيره من الشيوخ. وعلى هذا، فإن الطرائق لم تنشأ مع الشيخ الجيلاني رضي الله عنه، وإنما بدأت مع كبار الصحابة رضي الله عنهم، وإن لم تُعرف بالاسم كما عرفت فيما بعد. نعني أن كل صحابي من أئمة الصحابة كان على طريقة في إدراك الطريق؛ وهو ما يُعرف في الفقه بالاجتهاد. ونحن هنا لا نقصر الطريقة على الاجتهاد كما هو معروف عند أهله، بل نُرجعها إلى كل ما يندرج تحت اسم الاستعداد من معان ومَلَكات. وكون الطرائق عرفت فيما بعد بالأسماء التي وصلتنا، لا يُخل بمكانتها من الدين إن ألحقناها بأصلها؛ بل إن هذا التخصيص جاءها من شيوع الغفلة بين الناس في الأزمنة التي ظهرت فيها. فكانت دالة على الطريق من الطريقة، في مقابل اندراس المعالم الذي كان يحيط بها عند العموم. أما انقسام الطرائق إلى فروع، فليس ضروريا؛ ومَثَلها في هذا، مثل المذاهب الفقهية. فإن المذاهب الفقهية لها إمام مجتهد مطلق مؤسِّس، يتبعه فقهاء يجتهدون داخل المذهب. وهذا لا يمنع ظهور مجتهد مطلق في زمن الاجتهاد المقيّد عند غيره، إن توافرت الشروط. لذلك فالطرائق، ليست محصورة فيما يُعلم الآن منها؛ بل قد يظهر منها الجديد دائما، مع مرور الزمان، وابتعاث الله للربانيين. وهذا المعنى يغيب أيضا عن كثير ممن ينتسبون إلى التصوف؛ حتى أدى بهم اعتقادهم الفاسد بضرورة اتباع الأولين، إلى الجمود والوقوع في الحجاب، وهم يرومون الخروج عنه. وقد أراد الدكتور أن يعدد مثالب الطرائق (الطرق عنده)، فكانت كالآتي: التزهد: لقد عمم الدكتور وصف أهل الطرائق بالتظاهر بالزهد بُغية استجلاب الدنيا؛ وهو تعميم مخل، ينبغي للمستبرئ لدينه أن يتجنبه. وكيف سيجيب ربه إن سأله عن صادق واحد من بين كل من ذمهم؟!.. هذا لا يصدر إلا عن قلب غافل نسي أن له ربا يحاسبه! نعم، إن كثيرا من مدّعي التصوف (المتصوفة)، يكونون من المحتالين والأفاكين؛ لكن ما كل من ادعى شيئا، نقرّه عليه ونحسبه عليه! والمطلوب هو التمييز بين الأدعياء والصادقين من كل مذهب كما من كل طريقة؛ وإلا وقعنا في الظلم المنهي عنه. بدع الأذكار والرياضات: أما ما يسميه الدكتور رياضات، حتى يسهُل عليه الطعن فيها، فإنه يسمى في الشرع المجاهدات. وقد قال الله فيها سبحانه: { وَالَّذِينَ جَاهَدُوا فِينَا لَنَهْدِيَنَّهُمْ سُبُلَنَا وَإِنَّ اللَّهَ لَمَعَ الْمُحْسِنِينَ }[العنكبوت: 69]. ولقد جعل الله هذه المجاهدات من الإحسان في هذه الآية؛ فكيف يُنكرها صاحبنا؟!.. وأصل المجاهدات مخالفة النفس في المباحات، حتى تذل وتنقاد في الطاعات. وهذا مذهب أولي العزم لا مذهب أهل الرخص. ومن نظر إلى الشرع من وجه واحد، فما عرف الشرع. ولعل سبب إنكار هؤلاء للمجاهدات، هو خوفهم من إلزامهم بها؛ وهذا من الوهم المتسلط عليهم. فإنه كما لا يجوز إنكار المجاهدات على أهلها، فلا يجوز إلزام غير أهلها بها. والمقصود من المجاهدات، هو إضعاف النفوس وإذهاب ظلمتها، من أجل أن يستنير القلب بنور الروح. فما دامت النفس قائمة بين القلب والروح، فإنه لا يتنور؛ وإذا لم يتنور القلب فإنه لا يعلم. ونقصد هنا حقيقة العلم، لا ما يظنه هؤلاء علما. فإن العلم (الديني) الذي يعرف عند الناس اليوم، إنما هو تلفيقات وجهل يُحسَنُ عرضه بتنميق العبارات. وهو من فقه اللسان الذي حذّر النبي صلى الله عليه وآله وسلم من أهله، وخاف على أمته من شرهم. ومن أراد أن يعرف صور المجاهدات عند السابقين، فليطالع سيرهم بدءا من الصحابة فصاعدا؛ فإنه سيرى منها العجب عند الأئمة الذين لا يُمكنه الشك في سبقهم إلى الله. أما نحن، فلا يمكننا تتبع ذلك في هذه العجالة. وأما ما عده الدكتور بدعة في الذكر، فهو ليس كما يزعم؛ لكون أسماء الله الحسنى من الذكر الخاص لا من الذكر العام. وصاحبنا، من المؤكد أنه لا يميّز بينهما. ومن أنكر وجود الذكر الخاص، فقد أنكر وجود الوعاء الثاني الذي ذكره أبو هريرة في حديثه الذي أوردناه في الجزء السابق من هذا الرد. وجَعْل الناس في الدين على طبقة واحدة، لهو البدعة الحق، التي خلطت المراتب وأفسدت النظام. فصارت الأمة يعترض صغارها على الكبار، كما يحدث مع الدكتور وأضرابه إزاء الأئمة الأعلام. والأعمال بخواتيمها (أي نتائجها)، كما جاء في الحديث. وإننا نرى هذا الفكر (وليس العلم) الذي يجعل الأمة طبقة واحدة، هو اشتراكية دينية، قبل أن يعرف العالم الاشتراكية الاقتصادية السياسية؛ مع العلم أن الدين طبقات ثابتة بصريح القرآن والسنة. فعندما يقول الله تعالى: {صِرَاطَ الَّذِينَ أَنْعَمْتَ عَلَيْهِمْ غَيْرِ الْمَغْضُوبِ عَلَيْهِمْ وَلَا الضَّالِّينَ}[الفاتحة: 7]، فإنه يدلنا على طبقات الناس جميعا. وعندما يقول سبحانه: { مَعَ الَّذِينَ أَنْعَمَ اللَّهُ عَلَيْهِمْ مِنَ النَّبِيِّينَ وَالصِّدِّيقِينَ وَالشُّهَدَاءِ وَالصَّالِحِينَ }[النساء: 69]، فإنه يبيّن طبقات السعداء. وهكذا فيما يميز الطبقات في كل مرة في القرآن، بمختلف المعايير. وتبديع الذاكرين بغير الأذكار المسنونة للعموم، هو إنكار على الطبقات العليا أن يختصها الله بما لم يأذن لغيرها فيه. وأصحاب هذا المذهب المنحرف، لا يرون الفرق بين الطبقات -إن هم أُلجئوا إلى الإقرار بها- إلا من حيث نوعية العمل المشترك، أو كَمّيته. وهذا الفرقُ، العملُ به صحيح؛ لكن ضمن الطبقة الواحدة، لا بين الطبقات. وفي مثل هذا المعنى قيل: حسنات الأبرار سيئات المقربين. فإن قيل: إن الدين قد كمُل تبليغه، وليس لأحد أن يزيد فيه! فإننا نقول: هذا صحيح! ولكن ضمن هذا المبلَّغ مقفلاتٌ لا يأخذها الخواص من الأمة إلا بإذن خاص وشروط خاصة. ومن يُنكر هذا، فإنه لا يدلّ إلا على أنه ليس من طبقة الخواص، لا على عدم صحة الخصوصية في نفسها. كالأكمه إذا أنكر وجود النور، فإنه يكون صادقا في التعبير عن حاله، غير صادق فيما يُخبر به بالنسبة إلى العموم. وهذا الأمر لو تنبه إليه الناس عند النظر في الأقوال، لكُفوا شرا كبيرا؛. فإن أغلب ما يقع من الضلالات، هو من الخلط الواقع بين المراتب والطبقات. ولولا هذا، لم يكن أحد يعترض على أحد من الأنبياء أبدا؛ من كونهم عليهم السلام أعلى طبقة في الناس على الإطلاق. ومن يزعم أن الدين مُدرَكٌ للناس على نفس القدر، فإن الواقع يُكذبه. وهل يعلم العامة من القرآن، ما يعلمه أهل الاختصاص من علماء اللغة والتفسير؟ أم هل يعلم أهل اللغة والتفسير من القرآن، ما يعلمه أهل المعاني الذين هم أهل القرآن وخاصة الله؟ أم هل يعلم أهل الله من القرآن، ما يعلمه منه رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم؟.. والتمادي في عرض الدين بهذه الصورة السطحية المـُخلة، لا نراه إلا من عوامل الصدّ عن سبيل الله وابتغائها عِوجا. وهو أمر لا ترتضيه إلا الشياطين من الجن والإنس، والعياذ بالله! (يُتبع...) |