اللهم صل على سيدنا محمد الكامل الأكمل، ومظهر الجمال الأجمل، المكمل لكل كامل على مدى الأزمان، والمتخلق على التمام بأخلاق الرحمن؛ القائل بلسان الشكر: أنا سيد وُلد آدم ولا فخر؛ وعلى آله الطاهرين بالتطهير الرباني، وصحابته المشرفين بالشهود العياني؛ وسلم من أثر شهود نفوسنا صلاتنا عليه تسليما. والحمد لله المنعم المفضل حمدا عميما.
![]() | ![]()
2023/12/31 القضية الفلسطينية: من المنظوريْن: الديني والعقلي (12).3. الفصل الحادي عشر: دولة إسرائيل من الداخل-3- (تابع) ويخدم إسرائيل مطاران دوليان: مطار "بن غوريون"، وهو المركز الرئيسي للبلاد للسفر الجوي الدولي، ويقع بالقرب من "تل أبيب"؛ ومطار "رامون"، الذي يخدم مدينة إيلات الساحلية في أقصى الجنوب؛ كما يوجد العديد من المطارات المحلية الصغيرة أيضا. ولقد تعامل مطار "بن غوريون"، الذي هو أكبر مطار في إسرائيل، مع أكثر من 15 مليون مسافر في عام 2015م. ويُعد ميناء حيفا على ساحل البحر الأبيض المتوسط، أقدم وأكبر ميناء في البلاد، في حين أن ميناء أشدود هو واحد من الموانئ المائية العميقة القليلة في العالم التي بنيت على البحر المفتوح. بالإضافة إلى ذلك، يقع ميناء إيلات الأصغر على البحر الأحمر، ويُستخدم بشكل رئيس للتداول مع دول الشرق الأقصى. وسيتم إنجاز غير مسبوق لوزيرة النقل "ميري ريغيف"، حسب ملخص الموازنة بين وزارتي المواصلات والمالية؛ وهو أن ميزانية وزارة المواصلات للعامين المقبلين (2023-2024م) ستكون أكثر من 20 مليار شيكل. بالإضافة إلى ذلك، سيتم تخصيص 30 مليار شيكل إضافية، لأكبر خطة خمسية في إسرائيل، للسنوات الخمس المقبلة. وفقًا للاتفاقية التي تم توقيعها، سيتم استثمار ما يقرب من 50 مليار شيكل بين 2023-2027م لتعزيز النقل في إسرائيل، بالتأكيد على وسائل النقل العام وأنظمة النقل الجماعي، وتحسين البنية التحتية للطرق مع توفير شروط سلامتها، وخفض تكاليف المعيشة. وهذه، هي أكبر ميزانية يتم استثمارها حتى الآن في البنية التحتية للطرق والمواصلات العامة في إسرائيل. ويخصص البرنامج، موارد لتعزيز رؤية وزيرة المواصلات، لربط دولة إسرائيل؛ حيث ستربط الخطة البلاد من "كريات شمونة" إلى "إيلات"، من خلال مشروع "السكك الحديدية الشرقية"، وتقريب الأطراف من المركز. وعلى المسار الحديث، ستعمل القطارات عالية السرعة، بسرعات لم يسبق لها مثيل في إسرائيل، على غرار "القطارات السريعة" التي تعمل في العديد من البلدان المتقدّمة، ويتم الترويج للخطة على مراحل، والجزء الأول من المسار، من الخضيرة إلى اللد، سيفتح في حوالي عامين... 15. السياحة: 16. الطاقة: ويُعتبر "كيتورا صن" أول حقل شمسي تجاري في إسرائيل. بني في أوائل عام 2011م من قِبل شركة "أرافا" للطاقة في "كيبوتس كيتورا". وتغطي "كيتورا صن" عشرين فدانا، ومن المتوقع أن تنتج طاقة خضراء تصل إلى 4.95 ميغاوات. ويتكون الحقل من 185,00 لوحة ضوئيّة، من إنتاج شركة "صن تيك"، والتي ستنتج حوالي 9 غيغاوات/ساعة، من الكهرباء سنويا. وفي العشرين سنة القادمة، يُتوقَّع أن يوفر الحقل إنتاج حوالي 125,000 طن متري من ثاني أكسيد الكربون. وتم افتتاح الحقل في 15 يونيو من عام 2011م. وفي 22 مايو من عام 2012م، أعلنت شركة "أرافا" للطاقة أنها قد وصلت إلى إقفال مالي على 58.5 ميغاوات إضافية، لثمانية مشاريع سيتم بناؤها في "آفرا" والنقب بقيمة 780 مليون "شيكل"، أو حوالي 204 مليون دولار. ويبدو أن قطاع الكهرباء في إسرائيل قد بدأ مرحلة التخلّي عن الوقود الأحفوري الأكثر تلويثا، والتوجه إلى مصادر طاقة أكثر موثوقية بانبعاثات أقلّ. وقد وافقت وزارة الطاقة على تحويل وحدتين من محطة كهرباء إسرائيلية تعملان بالفحم إلى الغاز الطبيعي، في إطار مساعي التخلص من الوقود الأحفوري الأكثر تلويثا، وفق ما نشرته وكالة "إيه إن آي"، في: 14 أغسطس 2023م. وقال بيان لوزارة الطاقة، التي تدير قطاع الكهرباء في إسرائيل، إن وحدتين من محطة كهرباء "أوروت رابين"، وهما "إم زد إم 70" و"إم زد إم 80"، ستعملان لأول مرة بالغاز الطبيعي، وفق ما رصدته منصة الطاقة المتخصصة. وتشهد إسرائيل في السنوات الأخيرة زيادة في إنتاج الغاز الطبيعي، إذ سبق أن طرحت عطاءات لاستكشافه في أربع مناطق بحرية، بقصد أن تصبح واحدة من كُبريات الدول المـُـصدّرة في منطقة شرق البحر المتوسط. وتتجه إسرائيل إلى التوسع في استعمال الطاقة الشمسية وتخزين الكهرباء، في خطوة من شأنها تأمين إمدادات مستقرة من الطاقة خاصة في أوقات الطوارئ. وتأتي الخطوة في محاولة من حكومة تل أبيب لتفادي الأزمات في ظل الحرب التي تنشب بين الحين والآخر، إذ دفعت حرب غزة إسرائيل إلى إغلاق حقل "تمار" الذي يشكّل المصدر الرئيس لإمدادات الطاقة، وذلك قبل إعادة فتحه مرة أخرى. وكشفت وزارة حماية البيئة الإسرائيلية (بحر عام 2023م) مخططًا للتوسع في توليد الكهرباء من الطاقة الشمسية، وتخزين الكهرباء في منطقة تل أبيب، لتلبية الطلب المتزايد على الكهرباء. وأشارت إلى أن الخطوة تهدف إلى توفير التكلفة والتقليل من تلويث الهواء، كما أنها بديل لشراء توربينات توليد الكهرباء من الغاز، وفق ما طالعته منصة الطاقة المتخصصة. 17. الثقافة: 18. الأدب: 19. الموسيقى والرقص: وترتبط المرحلة الثانية من هذا النوع الغنائي بوحدات الترفيه، التي ُتعرف بـ "lehakot tzvaiot" (الفرق العسكرية التابعة للجيش). وكان هذا النوع الغنائي، الذي يجتمع على أدائه جنود ومجندات من الشباب، هو الظاهرة الغالبة في الموسيقى الشعبية الإسرائيلية على مدى ما يقرب من عشرين سنة (منذ منتصف العقد الخامس حتى منتصف العقد السابع من القرن الماضي). وعلى الرغم من أن الموسيقى التي نشرتها فرق الجيش احتوت على عنصر من موسيقى الـ "بوب" الخالصة، وعملت على تسجيل ذخيرتها الموسيقية بصورة منتظمة، فقد كانت الوظيفة الرئيسة التي اضطلعت بها هذه الفرق تتمثل في العمل لإعداد الأغاني الجديدة ونشرها ضمن السياق الأيديولوجي الذي يشكل "أغاني أرض إسرائيل". ومن أبرز هذه الفرق فرقة "ناحال"، وفرقة القيادة الشمالية، وفرقة القيادة الوسطى. وقد استهل معظم المغنين والموسيقيين الذين سجلوا النجاح في هذا المضمار بين مطلع العقد السادس ومطلع القرن الثامن من القرن الماضي في إسرائيل مشوارهم المهني في فرق الجيش؛ ومنهم: "يائير روزنبلوم"، بصفته ملحنا وكاتب أغان ومنسقا، وأبرز شخصية مشاهدة في الفرق، في الآونة الأخيرة. كما كان "يورام غاؤون" و"حافا ألبرشتاين" من جملة المغنين البارزين في هذا النوع الموسيقي في حقبة الستينيات والسبعينيات من القرن الماضي. ومن أبرز المؤلفين المشهورين الذي كتبوا أغاني هذا النوع: ناحوم هايمان، ونوريت هيرش، وحنان يوفيل، وعوزي حيتمان، ونعومي شيمر التي بزتهم جميعا. فقد قدمت شيمر الكثير من الأغاني لفرق الجيش وللمغنين المذكورين أعلاه. كما كتبت أغنية: "Yerushalayim shel Zahav" (أورشليم من ذهب)، وهي إحدى أشهر الأغاني الإسرائيلية على المستوى الدولي. واعتُبرت "شيمر" ضمن أطياف المجتمع الإسرائيلي، مؤلفة الأغاني القومية، التي تكتسب صفة شبه رسمية. ومنذ العقد السابع من القرن الماضي، بدأت موسيقى "أغاني أرض إسرائيل"، تفقد بريقها ومكانتها الثقافية المركزية، بصورة تدريجية. ومع الإضافات الضئيلة التي أُضيفت إلى هذا النوع، فقد بقيت ذخيرتها وروحها ومكانتها قائمة، باعتبارها موسيقى شعبية حية بفضل الفعاليات الكثيرة التي نظمها القائمون على الغناء العلني (أو الغناء الجماعي) "shira b’tzibur"، والفرق الغنائية الصغيرة التي تُعرف باسم "khavurot zemer"، والنظام التعليمي وبرامج التلفزيون والإذاعة التي تبث خلال العطل الرسمية الوطنية... 20. السينما والمسرح: واستمرارا للتقاليد المسرحية القوية للمسرح "اليِدِييِي" (اليديشي) في أوروبا الشرقية، تحتفظ إسرائيل بمشهد مسرحي نابض بالحياة. ولقد تأسس مسرح "هبيما" (المسرح الوطني)، في "تل أبيب" عام 1928م، وهي أقدم شركة مسرحية ومرجع وطني في إسرائيل؛ لكن تأسيس الفرقة الأول، كان في مدينة "بياويستوك" الروسية، سنة 1912م، على يد "ناحوم زيماخ". وفي موسم 1928-1929م، قدمت الفرقة مسرحيتين، كلاهما من إخراج "أليكسي ديكي"، من مسرح موسكو للفنون. وأول عرض كان مسرحية "الكنز"، وهي ترجمة لمسرحية "شالوم أليخيم" من اللغة اليدييية، وعُرضت لأول مرة في 29 ديسمبر 1928م. وأما المسرحية الثانية، فقد عرضت لأول مرة في 23 مايو 1929م، في تل أبيب، بعنوان "تاج ديفيد"، وهي اقتباس للكاتب العبري "إسحاق لامدان" لمسرحية "شعر أبسالوم"، للكاتب المسرحي الإسباني "كالديرون"، من القرن السابع عشر الميلادي. وفي عام 1930م، سافرت الفرقة إلى برلين بألمانيا، حيث قدمت عرض لمسرحية شكسبير "الليلة الثانية عشر"، من إخراج "مايكل تشيخوف"، ومسرحية "أورييل أكوستا" للكاتب المسرحي "كارل جوتسكوف"، بإخراج "ألكسندر جرانوفسكي". وفي القرن الحادي والعشرين، تضم الفرقة الوطنية للمسرح "هبيما"، ثمانين ممثلا وممثلة، إلى جانب حوالي عشرين ومائة موظف... 21. الإعلام: وأما الإعلام الصهيوني العالمي الداعم لإسرائيل، فقد وضع أسسه "هرتزل"، في افتتاحية العدد الأول من أسبوعية الحركة الصهيونية "دي وولت"، في الثالث من يونيو عام 1897م، في قوله "بأنه يجب على هذه الصحيفة، أن تتحول إلى درع حامية للشعب اليهودي، وتكون سلاحاً ضد أعدائه". وهذه الطريقة التي كان يفكر بها "هرتزل"، ما تزال طريقة تفكير كل الصحافيين الإسرائيليين تقريبا. انتبه مؤسسو إسرائيل، إلى مكانة الإعلام، منذ عهد "هرتزل"، كما أسلفنا؛ لكنهم تعاملوا معه قبل تأسيس إسرائيل بوصفه إحدى أهم أدوات بناء الدولة. وليس سرا أنه قبل عام 1948م، أنشأت الحركة الصهيونية إذاعة موجهة للشعب اليهودي، وشرعت تطبع أربع عشرة صحيفة، بينها أربعٌ ناطقة بالعربية؛ ومن بين هذه الصحف، اثنتان على الأقل، تعدّان اليوم مرجعا للأخبار التي تخص إسرائيل في العالم، وهما صحيفتا "هآرتس" و"يديعوت أحرونوت". ولقد اقتفى "ديفيد بن غوريون"، أول رئيس وزراء لإسرائيل، أثر "هرتزل"، في العناية بالإعلام، فأعلن بعد توليه منصبه تأسيس "هيئة رؤساء تحرير الصحف"؛ وهي الهيئة التي تشير كثير من الدراسات، إلى أنها كانت تتبع لجهاز "الموساد" الإسرائيلي، الذي تحكم بصورة كبيرة، في المعلومات التي يجب أن تنشر أولا. ومن باب الإنصاف القول إن الصحف الإسرائيلية تنجح في كثير من الأحيان في كشف ما يدور في كواليس السياسة في "رام الله"، بينما لا ينجح الفلسطينيون أنفسهم في ذلك. ومع كل صباح يطالع كثير من الفلسطينيين الصحف الإسرائيلية المختلفة، ليعرفوا ما يدور عندهم. ويرى المختص في الشؤون العبرية "أكرم عطا الله"، أن الإعلام الإسرائيلي أصبح له كل هذا الحضور والمساحة، في الصحف الفلسطينية والعربية، بسبب تراجع الإعلام المحلي والعربي أيضا. ولقد استولى اليهود بالتمام، على وكالات الأنباء العالمية، والصحافة، وشبكات التلفزيون والإذاعة، وصناعة السينما، والبرامج التلفزيونية، والمسرح، وصناعة الطباعة والإذاعة، وصناعة الطباعة والنشر والتوزيع، والموسوعات، ومؤسسات الاستشراق، والمنابر الكنسية، ومؤسسات الدعاية والإعلان، ووسائل إعلامية أخرى يصعب تصنيفها تحت أي من الوسائل السابق ذكرها؛ وانبسطت السيطرة الصهيونية على هذه الوسائل، واستطاعوا بكل اقتدار استخدامها في إدارة مصالحهم وتوجيه الرأي العام العالمي لصالحهم، وتهديد وفضح كل من يقف في وجههم أو يعارض مشروعاتهم. ومن اجترأ على معارضة مشاريعهم، فإن وسائلهم الإعلامية تصرعه وتفضحه وتهاجمه في كل مكان؛ حتى تسقطه بالضربة القاضية. ولنذكر هنا ما فعلته وسائل الإعلام الفرنسية بـ "البروفسور طارق رمضان"، الذي لم يكن أحد يصمد لمواجهته إعلاميا في البلدان الناطقة بالفرنسية والإنجليزية؛ ولكنه بعد الحملة التشويهية الممنهجة ضده، لا يكاد يظهر الآن. والغريب، هو أن الشعوب، رغم كل ما يُقال، تنصاع لوسائل الإعلام وإن كانت كاذبة!... 22. المتاحف: وتمتلك إسرائيل أكبر عدد من المتاحف للفرد في العالم. كما أنّ العديد من المتاحف الإسرائيلية مخصَّصة للثقافة الإسلامية، بما في ذلك متحف "روكفلر" ومعهد "إل ماير" للفن الإسلامي، وكلاهما في القدس. يتخصص متحف "روكفلر" في البقايا الأثرية من الفترات العثمانية وغيرها، من تاريخ الشرق الأوسط. كما أنها موطن أول جمجمة أحفورية متجانسة موجودة في غرب آسيا. ويتم عرض مجموعة من الجماجم في متحف إسرائيل. 23. المطبخ: وإن ما يقرب من نصف السكان الإسرائيليين اليهود يحافظون على "الكوشر" في المنازل. ومطاعم "الكُوشر"، على الرغم من ندرتها في عقد 1960م، تُشكل حوالي 25% من إجمالي المطاعم اعتبارا من عام 2015م. وربما تتجلّى القيم العلمانية إلى حد كبير، عند أولئك الذين لا يتناولون "الكوشر"؛ بينما من المرجح أن تقدمه مطاعم الفنادق. ولقد كان سوق التجزئة غير متوافق مع الشريعة اليهودية التقليدية، لكنه نما بسرعة وبشكل كبير بعد تدفق المهاجرين من دول الاتحاد السوفياتي السابق، خلال عقد التسعينيات. وبقي "الكوشر" متواجدا جنبا إلى جنب، مع الأسماك غير المتوافقة مع الشريعة اليهودية، والأرانب والنعام ولحم الخنزير، التي يتم إنتاجها واستهلاكها في إسرائيل بشكل متزايد، رغم القيود من قِبل كل من اليهودية أو الإسلام. 24. الرياضة: تشارك إسرائيل في دورة الألعاب الأولمبية، منذ منتصف القرن الماضي، كما تحتضن إسرائيل نسختها الخاصة باليهود من هذه الدورة، والتي تعرف باسم "المكابياه" والتي تقام مرة كل أربع سنوات، منذ عام 1932م، وقد اعتبر الفلسطينيون مهرجان "المكابياه" (الماكابياد) الذي أقيم عام 1932م عنصريا، فهو بحسب رأيهم كان هدفه تهميش الفلسطينين العرب، وجعل اليهود مهيمنين على الساحة الرياضية دون تمكين السكان العرب من المشاركة. ويظهر من كل ما مرّ، أن إسرائيل تسير في أمورها سيرا متناقضا: فهي من جهة تقتفي أثر الدول الأوروبية في مختلف جوانب نموها وحداثتها، على ما لنا من تحفظات على الحداثة؛ ومن جهة أخرى تحافظ على نظام "الأبارتهايد" بخصوص الفلسطينيين والعرب عموما، والذين تعتبرهم عرقا أدنى من اليهود. ويظهر أيضا تناقض إسرائيل، في حرصها على إحراز التقدّم التقاني والعلمي، بينما هي تغرق في العقائد البدائية للشعوب القديمة، والتي يُنظر إليها على أنها موروث ديني؛ بينما الدين الآن لا تُقبل منه إلا الصورة المحمدية الأصيلة، والتي لا يكاد المسلمون أنفسهم يعرفونها. ويكفي من أجل تبيّن الانعكاس في الأمر، أن نعلم أن الدين نازل من السماء، فما لم يسمُ بصاحبه نحو الأخلاق الإلهية، فإنه يكون دالا على أنه قد تحرّف وغُيّر اتجاهه. وهنا ينبغي أن نتوقف قليلا عند حال الفلسطينين والعرب عموما، لعل الصورة تكتمل... |
بسم الله الرحمن الرحيم، وصلى الله على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه وكل عبد من الصالحين.
إن الكلام في التصوف قد تشعب حتى كاد يخرج عن الضبط في نظر الناظرين. وإن تحديد موقع التصوف من الدين، كان ولا زال موضع خلاف بين المسلمين. والميل إلى طرف دون آخر متأرجح بحسب خصوصية كل مرحلة من مراحل عمر الأمة الإسلامية. لكننا نرى أنه حان الوقت، وبعد أن أصاب الأمة ما أصاب، أن نقول: إن التصوف إسلام. ونعني أنه تحقيق للإسلام!
قد يرى البعض أن هذا تعسف باعتبار أن الكلمة مبهمة وغير ذات أصل شرعي؛ أو هي دخيلة إن اعتبرنا نسبتها إلى الأديان الكـتابية والوثنية على السواء...
وقد يرى البعض الآخر في ذلك مبالغة وتضخيما، إذا رجع إلى مدلول الكلمة وإلى تجليات التصوف المنصبغة بصبغة كل زمن زمن...
وقد يقول قائل: كان في إمكانكم تجاوز لفظ " التصوف " تسهيلا للتواصل والتلاقي، إن كان المراد مجرد عرض للإسلام أو إعادة تناول لمختلف جوانبه...
لكن، نقول: حفاظا على الأدب مع قوم بذلوا في الله مهجهم، سبقونا، ورجاء في اللحوق بهم، نحافظ على اللفظ؛ ومن أجل التنبيه إلى منهج التصوف في التربية، التي ليست إلا التزكية الشرعية، نقول: إن التصوف..إسلام!
لم ينفع بعضَ المسلمين مجرد انتساب للإسلام واعتبار لظاهره على حساب الباطن. ولم يجد إنكار بعض الفقهاء له وقد كذبتهم الأيام. وهاهي الأمة تكاد تنسلخ عن الدين في عمومها..
وها هي الأزمة نعيشها في تديننا، لا يتمكن أحد من إنكارها.. وها هي تداعيات الأزمة تكتنفنا من كل جانب..
ومن جهة أخرى ، لم يعد يجدي من ينتسب إلى التصوف الانزواء الذي كان مباحا أو مستحبا في عهود مضت، وواجب الوقت بلا شك، هو إقامة الدين ظاهرا إلى باطن، بعد أن ولى زمن حماة الشريعة من الفقهاء الورعين أصحاب النور، المجتهدين المجددين .
ولم يعد يكفي الكلام عن الطريقة التربوية الاجتهادية الخاصة بكل شيخ، إلا مع التنبيه إلى الطريق المحمدي الجامع الشامل، حتى تسقط الحواجز الوهمية التي صارت حجبا في زماننا، تمنع من إدراك صحيح للدين.
لذلك ولغيره، نرى أنه من الواجب في زمن العولمة المبشرة بجمع شمل الأمة الكلام عن التصوف بالمعنى المرادف لتحقيق الإسلام، بشموليته واستيعابه كل مذاهب المسلمين.
ونأمل من الله عز وجل، أن يكون هذا الموقع من أسباب ذلك، راجين منه سبحانه وتعالى السداد والقبول، فإنه أهل كل جود وفضل.