اللهم صل على سيدنا محمد الكامل الأكمل، ومظهر الجمال الأجمل، المكمل لكل كامل على مدى الأزمان، والمتخلق على التمام بأخلاق الرحمن؛ القائل بلسان الشكر: أنا سيد وُلد آدم ولا فخر؛ وعلى آله الطاهرين بالتطهير الرباني، وصحابته المشرفين بالشهود العياني؛ وسلم من أثر شهود نفوسنا صلاتنا عليه تسليما. والحمد لله المنعم المفضل حمدا عميما.
![]() | ![]()
2017/05/25 الرد الشافي على رسالة الفيزازي إلى الزفزافي بسم الله الرحمن الرحيم، والصلاة والسلام على المبعوث رحمة للعالمين، سيدنا محمد قدوة الصالحين في كل أوان وحين، وعلى آله وصحبه والتابعين؛ وبعد: [أخي الزفزافي اسمعها مني خالصة لوجه الله]: وهل تظن أن الإخلاص، كلام يقذف به في الهواء، حتى تزعمه لنفسك من غير برهان؟!.. بل إن كان مِن إخلاص، فهو للأجهزة التي تأتمر بأمرها؛ لأن المخلص لله، لا يقول إلا ما يوافق حكم الله، ولا يخاف في ذلك لومة لائم؛ فإن وجد من نفسه ضعفا، لزم الصمت حتى لا يكون من أعوان الباطل، على أقل تقدير. وأنت قد ندبت نفسك للطعن في أحد الطرفين، وتنزيه الطرف الثاني، مع وجود البينة، التي هي حال الشعب من القهر والذل والفقر؛ بل والحرق و"الطحن". [- لا تغتر بنصرك المبين على الدولة فالأمر أعمق مما تتصور... حلم (بكسر الحاء) الدولة ليس جبنا ولا خوفا منك... صدقني. الدولة تنظر بعيدا جدا إلى الموضوع بالطول والعرض. ولها حسابات استراتيجية أعمق مما تدركه أنت... وأنا هنا لست ناطقا باسم الدولة. لكني ربما أعلم ما لا تعلم...]: هذا الكلام صحيح! وإن كنا نرى أن الدولة أيضا ينبغي أن توجَّه إليها النصيحة، لتعلم أنها لا تستطيع التحكم في كل شيء دائما، وأنه بأقل شيء خارج توقعها، يمكن أن تحل الكارثة. فعليها أن تتصرف بحكمة وتبصر، بدل العنجهية والاستهانة!.. [- خطابك الديني حجة عليك وليس لك. فالدين الحنيف يأبى التفرقة. ويجرم الخروج على السلطان. ويدين مفارقة الجماعة... والجماعة هنا شعب المغرب من طنجة إلى لكويرة.. وليس شعب الريف وحده كما تدعي... فلا فرق بين ريفي وجبلي وسوسي وحساني ودكالي وعبدي وغيرهم من المغاربة في المواطنة]: التفرقة يُسأل عنها، من يسيء معاملة الجماهير، حتى يدفعها إلى حد التنكر لأوطانها؛ مع إصرارنا على أن أهل الريف وطنيون بحسب استطاعتهم. فالدين مع الزفزافي في محاربة الفساد، إن التزم بأحكامه في الحركات والسكنات، لا مع الفيزازي في ممالأته للفساد!.. نعم نحن نوافقك على أن الشعب المغربي قاطبة جماعة واحدة؛ ولكن الشقاق الذي دب، فإنما هو بين الظالمين والمظلومين، لا بين أهل منطقة، وأهل غيرها من المناطق. وأما الخروج على السلطان، فأول من يستحق أن يوصف به، هو من يخالف أمرالسلطان في شعبه، ويسومه سوء العذاب. فكم من مرة سمعنا توجيها من الملك، لا نلبث أن نرى عكسه من المسؤولين!.. من يفعل هذا، هم الخوارج حقيقة!.. كلامك هذا كله تدليس تخدم به أغراض الظالمين فحسب. فأنت وما رضيت لنفسك!.. [وفي الختام أحيي شباب الحسيمة المتحضر... الذي أبان عن وعي لمخاطر الانفلات وأظهر للقريب والبعيد رقيه وتألقه وانضباطه بتفويت كل الفرص على أعداء الوطن والمتربصين بأمنه واستقراره]: إنك بهذا الكلام في الختام، قد رددت على نفسك، وشهدت ببراءة أهل الريف من كل ما أردت أن تنسبه إليهم؛ وبرأت الناطق باسم الحراك ومتزعميه أيضا، لأنهم لو لم يكونوا ذوي نيات حسنة، ما كان يمكن أن ينضبط مَن خلفهم من الناس. نقول هذا، إلى هذا الحين؛ أما إن انحرف الأمر وصار له مآرب تضرب الوحدة الوطنية، أو تشكك في شخص الملك، أو تعادي رجال الجيش والدرك والأمن، فإننا وقتها، سنعلن براءتنا من الحراك وأهله؛ لأنه لا غاية لنا إلا الخير. لذا، فنحن ندعو شباب الريف وشباب المغرب أجمعين، أن يتحلوا بالعقلانية والحكمة والصبر، وأن يستمروا في المطالبة بحقوقهم، بحسب ما يرونه متاحا، وما يعلمون أنه في طاقة بلدهم؛ حتى لا تؤول العواقب إلى ما يتوعد به الظالمون، ويصدق قولهم وهم الكاذبون، فتكون النتيجة أسوأ من المـُنطَلَق، عياذا بالله. ونحن في الختام، نرجو من السيد الفيزازي أن يعود إلى الصواب، وأن يبتعد عن الكلام في الشأن العام بصفته نائبا عن الحكام من دون أن يُكلَّف بمهمة رسمية، تكون معلومة للعموم؛ وليكن صدرُه، تفضلا منه، متسعا لقول العبد الفقير، الذي لا يرى لنفسه علما ولا عملا ولا جاها؛ ولولا أن المصلحة العامة أنطقته، ما كان ليتكلم في كل ما تكلم فيه. وأخيرا، نرجو من الله أن يؤيد شباب الريف في قومتهم ضد الفساد، وأن يحفظ الملك من كل سوء، وأن يوحد كلمة المغاربة أجمعين على ما يرضي الله عنهم؛ إنه جواد مفضال، تسبق رحمته غضبه سبحانه. وصلى الله على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه. والحمد لله رب العالمين. جرادة في: الخميس 29 شعبان 1438؛ الموافق لـ: 25-5- 2017. |
بسم الله الرحمن الرحيم، وصلى الله على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه وكل عبد من الصالحين.
إن الكلام في التصوف قد تشعب حتى كاد يخرج عن الضبط في نظر الناظرين. وإن تحديد موقع التصوف من الدين، كان ولا زال موضع خلاف بين المسلمين. والميل إلى طرف دون آخر متأرجح بحسب خصوصية كل مرحلة من مراحل عمر الأمة الإسلامية. لكننا نرى أنه حان الوقت، وبعد أن أصاب الأمة ما أصاب، أن نقول: إن التصوف إسلام. ونعني أنه تحقيق للإسلام!
قد يرى البعض أن هذا تعسف باعتبار أن الكلمة مبهمة وغير ذات أصل شرعي؛ أو هي دخيلة إن اعتبرنا نسبتها إلى الأديان الكـتابية والوثنية على السواء...
وقد يرى البعض الآخر في ذلك مبالغة وتضخيما، إذا رجع إلى مدلول الكلمة وإلى تجليات التصوف المنصبغة بصبغة كل زمن زمن...
وقد يقول قائل: كان في إمكانكم تجاوز لفظ " التصوف " تسهيلا للتواصل والتلاقي، إن كان المراد مجرد عرض للإسلام أو إعادة تناول لمختلف جوانبه...
لكن، نقول: حفاظا على الأدب مع قوم بذلوا في الله مهجهم، سبقونا، ورجاء في اللحوق بهم، نحافظ على اللفظ؛ ومن أجل التنبيه إلى منهج التصوف في التربية، التي ليست إلا التزكية الشرعية، نقول: إن التصوف..إسلام!
لم ينفع بعضَ المسلمين مجرد انتساب للإسلام واعتبار لظاهره على حساب الباطن. ولم يجد إنكار بعض الفقهاء له وقد كذبتهم الأيام. وهاهي الأمة تكاد تنسلخ عن الدين في عمومها..
وها هي الأزمة نعيشها في تديننا، لا يتمكن أحد من إنكارها.. وها هي تداعيات الأزمة تكتنفنا من كل جانب..
ومن جهة أخرى ، لم يعد يجدي من ينتسب إلى التصوف الانزواء الذي كان مباحا أو مستحبا في عهود مضت، وواجب الوقت بلا شك، هو إقامة الدين ظاهرا إلى باطن، بعد أن ولى زمن حماة الشريعة من الفقهاء الورعين أصحاب النور، المجتهدين المجددين .
ولم يعد يكفي الكلام عن الطريقة التربوية الاجتهادية الخاصة بكل شيخ، إلا مع التنبيه إلى الطريق المحمدي الجامع الشامل، حتى تسقط الحواجز الوهمية التي صارت حجبا في زماننا، تمنع من إدراك صحيح للدين.
لذلك ولغيره، نرى أنه من الواجب في زمن العولمة المبشرة بجمع شمل الأمة الكلام عن التصوف بالمعنى المرادف لتحقيق الإسلام، بشموليته واستيعابه كل مذاهب المسلمين.
ونأمل من الله عز وجل، أن يكون هذا الموقع من أسباب ذلك، راجين منه سبحانه وتعالى السداد والقبول، فإنه أهل كل جود وفضل.